لِيَعْبُدُونِ ) (١) هي التظاهر بتلك العبودية الحقيقية باستعمال أقصى مراتب الخضوع في الظاهر بجميع القوى والمشاعر مقروناً باستحضار تلك الجواهر المكنونة ، والدّرر الثمينة ـ جوهرة العبودية ـ وهي الخضوع والخشوع ، والسجود لذلك المنعم الذي أنعم علينا بنعمة الحياة.
وبعبارة أخرى : أنّ حقيقة العبادة هي كون العبد في مقام الاعتراف والإذعان بالعبودية مقروناً بما يليق بها من استعمال ما يدلّ على أقصى مراتب الخضوع والذلّة بالسجود والركوع.
غايته ، أنّ عامة الناس قصرت أفكارهم عن اجتناب ذلك اللب واقتصروا على القشور من العبادة.
فالسؤال هنا : هل رأيت أحداً من زوّار القبور يقصد أنّ القبر الذي يطوف حوله أو صاحبه الملحود فيه هو صانعه وخالقه ، ويريد أن يتظاهر بالعبودية له خلال زيارته فيكون معبوداً له ؟! أو سمعت أنّ أحداً يقول للقبر : يا خالقي ويا رازقي ويا معبودي ؟! كلاّ ثمّ كلاّ.
وكيف كان فإنّ الأمر بخلاف ما تعتقده الوهابية : إذ لو كان كذلك لما خفي على المسلمين وقد جرت سيرتهم العملية على ذلك.
وصلّ اللّهم على محمّد وآله الطاهرين.
__________________
(١) الذاريات (٥١) : ٥٦.