بدأت مع العقد الثالث من القرن العشرين ، حيث استثمر التيار التفكيكي أو التشكيكي معطيات هذه الدراسات ( الألسنية ) ، ووظّفها لصالح تفكيكيته أو تشكيكيته ، وذلك بأن فصل بين ( دوال اللغة ) و ( مدلولاتها ) ، فحذف الأخيرة وجعلها غائبة ، ليشير بذلك إلىٰ عدم وجود مركز معرفي ثابت بقدر ما يخضع الأمر لقراءات استمراريّة لا نهائية ، أي : جعل استخلاص الدلالة المعرفية لا نهاية أو لا ثبات لها ، وهو أمر يتساوق ويتناغم مع الفلسفة التشكيكية التي لا تجنح إلىٰ يقينٍ معرفي أو المعرفة اليقينية ، ومن ثمّ يظل ( المعنىٰ ) أو ( الدلالة ) أو ( القيم ) لا ثبات ولا استقرار لمفهوماتها ..
ومن الطبيعي حينما ينسحب هذا التشكيك على الظواهر جميعاً ، فإنّ النتيجة تظلّ تشكيكاً بكلّ شيء ، وفي مقدّمة ذلك : التشكيك أساساً بما وراء الوجود ( المبدع ) وإرسالات السماء ، وكلّ ما هو ( مقدّس ) بحسب تعبير الموضة المشار إليها ..
وإذا كان المناخ الأُوربي يسمح بولادة أمثلة هذه التيارات ، نظراً ـ من جانب ـ إلى اليأس الذي طبع مجتمعات الغرب من حضارتها المادية الصرفة ، خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية ..
وإذا كان المناخ المذكور ـ من جانب آخر ـ طبعه الترف الفكري أو التخمة الثقافية ، بحيث تقتاده إلى توليد جديد للفكر حتى لو لم تسمح به الضرورة ..
ثمّ ـ من جانب ثالث ـ إذا أخذنا بنظر
الاعتبار ( وهذا أهم الأسباب