جعلته عليكم حاكماً » (١) فـ « اجعلوه » إذاً نوع من إعطاء الدور للأُمّة في تعيين الحاكم بمعنى استكشاف الواجد للمواصفات.
فإذاً طبيعة النظام الاجتماعي الذي يرسمه القرآن وأهل البيت عليهم السلام ، أنّه هناك نوع من الانتخاب للأُمّة إلى قادتها المتوسّطين ، أو في سلسلة الهرم التي تنشعب من رأسه وهو المعصوم ، لهم دور في انتخاب تلك القاعدة بنحو الاستكشاف.
فمن ثمّ لو استكشفوا بأنّ المواصفات قد اختلّت ، فلهم حينئذٍ أن يسحبوا ثقتهم أو تقليدهم هذا المنصب لذلك الفرد وعزله وجعل شخص آخر ، وهذا دور ليس بالهيّن ، بل دور مهم يشاهد في النظريّة الشيعيّة.
إذاً في النظريّة الشيعيّة هناك عدّة قنوات لمشاركة الناس ، كلّها لا تتصادم ولا تتنافى مع كون الامامة هي نصب إلهيّ ، وأنّ كلّ ولاية تنشعب من الإمامة ، بعد أن كانت ولاية الإمام عليه السلام منشعبة من ولاية الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وولاية الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم من ولاية الله عزّ وجلّ ، وأصل نظريّة الإمامة ليست تحكيم لنسل ترابي من باب النزعات الترابيّة واللحم والدم الترابي ، ونزعات بطر إقطاع أو استبداد ، لا ، وإنّما هي تحكيم للنور الإلهي على التراب ، وتسليط للنور على العقل ، والعقل على الغرائز.
______________
(١) بحار الأنوار ١٠١ : ٢٦٢ ، كتاب الأحكام ، أبواب القضايا والأحكام ، باب أصناف القضاة وحال قضاة الجور والترافع اليهم ، الحديث ١.