أما بالنسبة إلى الشورى فانّ المطروح قرآنياً : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ) (١) أو ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) (٢) ، فالشورى في اللغة ماهية ولغةً ومعنىً هي : المداولة الفكريّة ، وعبارة عن الفحص الفكري ، وعبارة عن عمليّة فكريّة للفحص ، أشبه ما يمكن أن نسمّيها في العرف الحديث ببنك المعلومات أو بنك الخبرات ، أو نسميها بالعقل الجمعي أو العلم الجمعي ، يعني جمع الخبرات ، يعني نوع من فحص الواقع على أساس خبروي علمي ، فالمداريّة هي على الواقع ، وليس المداريّة للجمع ولا للأكثريّة ; لأنّ ربما في فحصنا هذا لعقول ولعلوم الجمع ولخبرات الجمع نضفي على رأي واحد منهم هو الأنضج والأمتن ، وهو الأكثر سداداً فيتبع ، ولذلك سمّي المشتري مشترياً ; لأنّه يختبر المبيع ، واشتقاقات هذه المادة لغةً لا تساعد على أنّها بمعنى الإرادة الجمعيّة الجماعيّة ، أو الحاكميّة الجماعيّة ، أو القدرة الجماعيّة.
الشور والشورى ليست إلّا بمعنى المداولة وبعد ذلك حجيّة النتيجة ، إنّما يبتني على أدلّة وراء الشور ، الشور ليس إلّا الوقوف والوصول إلى الأدلّة المفضية إلى النتيجة الصائبة. فالشورى إذاً كيفيّة فحص ، كيفيّة تنقيب عن الواقع ، عن الصحة والصواب والحقّ ، وليست هي بنفسها كما يقال : بنية احتجاج ، ولا هي بنفسها متن احتجاج ، وإنّما
______________
(١) الشورى (٤٢) : ٣٨.
(٢) آل عمران (٣) : ١٥٩.