هي تشبه فعل الإنسان عندما يريد أن يصل من المعلوم إلى المجهول ينقّب في المعلومات ، غاية الأمر بدل ما يحكر تنقيبه في خزانته المحدودة الفردية ، يجعل حركة التنقيب في خزانة عامة : « أعلم الناس مَنْ جمع علم الناس إلى علمه » (١) ، « أعقل الناس من جمع عقله إلى عقول الناس ».
فما يرفع من شعار في الحضارة الحديثة ، وهي حضارة المعلومات أو حضارة الاتصالات ، هذا الشعار في الواقع هو نفسه مفاد الشورى بتفسير الإماميّة مطابق لمعناها لغة ، لا المعنى الذي مسخ عن المعنى اللغوي الذي ذهب إليه علماء السنّة والجماعة. فإذاً الشورى عند الإماميّة تتقارب مع الإطارات المطروحة حديثاً في الحضارة الحديثة أو التمدّن الحديث : من أنّ كلّ شي يجب أن يبنى على أساس علمي ، ومن ثمّ شأن المؤمنين ( وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ) (٢) شأنهم أن يبنوا كلّ شيء على الخبرويّة وعلى العلم ، لا على العنجهيّة والجهالات والعماية.
ويمكن أن يقرب تقريب آخر لنظريّة الشورى عند الإماميّة بأنّها عبارة عن حجيّة قول أهل الخبرة ، بمعنى تقديم الجانب الكيفي على الجانب الكمّي. أو نستطيع أن نقول أيضاً : عندما يتساوى الكيف يرجع
______________
(١) روضة الواعظين ١ : ٤٦ ، باب الكلام في ماهية العلوم وفضلها ، الحديث ٢٥.
(٢) الشورى (٤٢) : ٣٨.