والفطريّة لا يمكن أن تتعلّق للجعل الشرعي أو العقلي ، فحقّ تعيين الحاكم وتعيين من يدبر أُمور الناس ويسوسهم هي من الحقوق الطبيعيّة الفطريّة ، ومتقدّمة على الدين ، ولا يمكن أن تتعلّق بالجعل الشرعي أو العقلي ، فما هو تقييمكم لهذه النظريّة ؟
الشيخ السند : أصل كون نشأة جملة من الحقوق من الطبيعيّة أمر ثابت ، وإن كان بعض الباحثين الإسلاميين ، من الوسط الحوزوي لدينا ربما يتنكّر لمصدريّة الطبيعة للحقوق بما فيها الطبيعة الإنسانيّة ، بدليل أنّ إضفاء الطبيعة للحقوق وتوليد الحقوق ليس له حدّ منضبط ، ومن أنكر استند إلى هذا الوجه ، لكن هذا الوجه لو نقيّمه لا ينفي منشأيّة الطبيعة للحقوق ، ولا ينفي ما ذهب إليه علماء القانون وعلماء الحقوق من أنّ أحد مصادر الحقوق هو الطبيعة ، غاية الأمر أنّه لا يمكن جعل الأمر مطلق العنان.
فكون أحد مناشئ الحقّ من الطبيعة مسلّم ، لكن في تحديده وتأطيره قد يكون هناك إبهام وغموض ، وحيث يكون هناك إبهام وغموض وغيوم يجب أن لا يجعل حينئذ الحقّ بشكل سائب مطلق ، لابدّ أن يقتصر لا أقل على قدر متيقّن ، أو يمزج بضوابط أُخرى ، أو يكون تحت التشريع الإلهي باعتبار أنّ العقل لا يصل إلى تمام الحدود والصلاحيّات التي تنشأها الطبيعة للحقوق ، فلابدّ أن يكون تحت هداية شرعيّة ، لا أنّه يتنكّر أو ينكر أصل نشوء الحقوق من الطبيعة.