تمييز هم بشعار يتعارفون به ، وتأكيد وصيتهم بتقوى الله وإخلاص الجهاد له والثبات ، ورغبة في ثوابه ورهبة من عقابه ، وتوقي الفرار لما فيه من عاجل العار وآجل النار ، ويأمر بالحملة بعضا ويبقى في بعض آخر ليكون عزما لهم وفيه لمن يتحير إليه منهم ، فإن ترجح العدو وإلا أردف أصحابه ببعض بمن معه وتقدم بهم رجاء زوال صفوفهم عن مواضعها ليحمل عليهم بنفسه وجيشه جملة واحدة ، والمبارزة بغير إذنه لا تجوز ، ولا فرار الواحد من واحد واثنين بل من ثلاثة وما زاد ، وكلما يرجى به الفتح يجوز قتال الأعداء به إلا إلقاء السم في ديارهم ومن يرى من الكفار حرمة الأشهر الحرم إذا لم يبدأ بالقتال ، لا يقاتل فيها ، ومن عدا أهل الكتاب من جميع من يجب جهاده لا يكف عن قتالهم إلا بالرجوع إلى الحق وهؤلاء ، وهم اليهودي والنصارى والمجوس ، يجب الكف عنهم إذا قبلوا الجزية والتزموا بشروطها التي من جملتها : أن لا يتظاهروا بكفرهم ، ولا يعينوا على مسلم ، ولا يرفعوا عليه صوتا ولا كلمة ، ولا يتجاهروا بسببه ولا أذيته ولا باستعمال المحرمات في الملة الإسلامية ، ولا يجددوا كنيسة ، ولا يقيموا ما دثر منها ، ولا يظهروا شعار باطل كصليب وغيره ، فمتى وفوا بذلك لزم الدفع عنهم وإن لا يمكن منهم ، وإلا كانوا مغنما لأهل الإسلام دما ومالا وأهلا وذرية.
وتوضع الجزية على رءوسهم وأراضيهم بحسب ما يراه الإمام وتصرف إلى أهل الجهاد ولا تؤخذ من النساء ، ولا من غير بالغ كامل العقل ، ولا من غير ما ذكرناه من الفرق الثلاث ، وإذا حال الحول على الذمي ولم يؤدها (١) فأسلم أسقطها عنه إسلامه.
__________________
(١) في « أ » : ولم يردها.