على ما مضى منه من القبيح وعلى أن لا يعود إلى مثله مستقبلا مع الخروج من حق ثبت في الذمة إن كان لله تعالى ، فبتلافيه وأدائه إن كان مما يؤدى ، وقضائه إن كان مما يقضى ، وإن كان لبعض العباد فبتأديته وفعل ما يجب في مثله.
وإذا صحت التوبة كانت مقبولة إجماعا ، وسقوط العقاب عندها تفضل من الله لا وجوبا ، لأنه لو وجب على وجه تكون هي المؤثرة في الإسقاط لم يكن له سبحانه بذلك تكرم ولا تمنن ولا اختيار ولا تمدح ، مع أن ذلك كله له بقبولها ، فيكون الوجوب من حيث استحال خلاف الوعد عليه تعالى لا من حيث كونها مؤثرة في إسقاط ما هو حق له.
وأما عند عفوه ابتداء ، والعقل شاهد بحسنه ، لأنه إذا كان العقاب حقا له لا حق فيه لغيره بل لا يسقط بإسقاطه حق الغير جرى حسن إسقاطه مجرى حسن إسقاط الدين ، وكان في الحسن أبلغ منه ، لكونه محضا ، وأكده أنه سبحانه لا ينتفع باستيفاء ولا يستضر بإسقاط ، ولا يناط بذلك شيء من وجوه القبح (١) ، وحسن الإحسان مما تشهد به أوائل العقول ، والسمع دال على ثبوته ، ولا إغراء بذلك لما يقابله (٢).
وأما عند الشفاعة التي هي قبولها ، لا نزاع فيه ، كثبوتها ولا وجه لحقيقتها (٣) إذا كانت في زيادة المنافع للاستغناء عنها ، ولجواز العكس فيها بأن يعود الشفيع مشفوعا فيه ، فتكون حقيقة في إسقاط المضار ، وهو الذي يقتضيه العقل ، ويؤكده
__________________
(١) في « أ » : من وجوه القبيح.
(٢) في « ج » : لا يقابله.
(٣) في « ج » : فحقيقتها.