أن المهم الجدير بالذكر هو أن الإسلام لا يفرق بين التركيز على العقيدة والشريعة ، ويندد بالذين يفكرون في العقيدة دون الشريعة ، ويختصرون الدين في الإيمان المجرد عن العمل ، بل يرى أن ترك العمل قد يؤدي إلى زوال العقيدة ، ويقول سبحانه ( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ ) ( الروم ـ ١٠ ) وفي نفس الوقت يندد بالذين يهونون من شأن العقيدة ويعكفون على العمل والعبادة من دون تدبر في غاياتها ، ومقاصدها ، والتفكير في الآمر بها ، ويرون العبادة في السجود والركوع فقط ويغفلون عن قوله سبحانه ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ ) ( آل عمران ـ ١٩١ ).
وتأكيدا لهذه الصلة بين العلمين ، قام لفيف من علمائنا القدامى والمتأخرين بالجمع بينهما حتى في التأليف فكان الفقه الأكبر ( العقائد ) إلى جانب الفقه الأصغر ( الأحكام ). نذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
١ ـ السيد الشريف المرتضى ( ٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه ) صاحب الآثار الجليلة. فقد جمع بين العلمين في كتابه المسمى بـ « جمل العلم والعمل ».
وقد تولى شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه ) شرح القسم الكلامي منه وأسماه : « تمهيد الأصول » وقد طبع ونشر.
كما تولى تلميذه الآخر القاضي ابن البراج ( ٤٠١ ـ ٤٨١ ه ) شرح القسم الفقهي منه وأسماه : « شرح جمل العلم والعمل » وقد طبع أخيرا.
٢ ـ الشيخ أبو الصلاح تقي الدين الحلبي ( ٣٧٤ ـ ٤٤٧ ه ) فقد ألف كتابا