بابويه وغيرهم ، فحذف هذا الكلام كان أنسب ، هذا والمقداد في تنقيحه لم يتعرض لهذه المسألة أصلا ولم يودعها كتابه.
فانظر أيها المتأمل إلى كثرة خبط هذا الرجل ، وكونه لا يبالي كيف وقع الكلام منه. وأعجب من ذلك غفلة الناس منه.
قوله : ووجهه من حيث المعنى واضح لأن الخراج حق شرعي ينوط تقديره بالمصلحة عرفا ، فارتباطه بنظر الإمام ، فإذا تعدى الجائر في ذلك الى ما لا يجوز له ، وعمل ما هو منوط بنظر الامام استدلالا (١) بنفسه كان الوزر عليه في ارتكاب ما لا يجوز له ، ولم يكن المأخوذ حراما ولا مظنة حرام لأنه حق شرعي على الزارع خارج عن ملكه يستحقه قوم معلومون ، وقد رفع أئمتنا المنع من طرفهم بالنسبة إلينا فكيف يحرم!! (٢).
أقول : هذا الوجه من حيث المعنى في غاية السقوط لأن الخراج وإن كان حقا شرعيا إلا أنه في الذمة ما لم يشترط كونه من حاصل الأرض ، فالأخذ من حاصل الأرض لا بعينه له إل بالتراضي لأن المدين مخير في جهات القضاء ، فإذا أخذ من غير ماله من غير رضاه لم يصح ولم يزل استحقاقه عنه ، ولو سلم أنه في غير الزرع جبرا ودون إثباته ما لا يخفى فهو حق مشاع في عين مال معصوم لا يجوز التسلط عليه إلا بالقسمة من أهله ، فأخذ الجائر له لا يكون معينا له حتى تبرأ ذمة المأخوذ منه ، فهو على الإشاعة لم يزل فلا يزول التحريم.
ومن العجب قوله : « لأنه حق شرعي على الزارع خارج عن ملكه » لا أدري خروجه عن ملكه بمعنى عدم استحقاقه له سبب الشركة أو غيره لغيره. ( الأول ) غير مسلم ولا يقتضي رفع التحريم ـ لو سلم كما قلناه ـ لأن القابض غير مستحق ولا والي على القسمة. ( والثاني ) لا يخفى فساده. وقوله : « وقد رفع أئمتنا عليهمالسلام المنع
__________________
(١) راجع خراجيته (ره) ، استقلالا.
(٢) راجع خراجيته (ره) ، ص ٧٣.