وأما الثانية : فيدل عليها عموم الكتاب والسنة الدالين على تحريم التصرف في الأموال بغير حق ، والعقل مؤيد له فإنه حاكم بقبح ذلك فإن ما جعله الله تعالى في وجه المصادف يقبح تغييره لمنافاته الحكمة.
ويؤيده ما رواه الشيخ في التهذيب عن علي بن يقطين قال : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : ما تقول في أعمال هؤلاء؟ قال : إن كنت لا بد فاعلا فاتق أموال الشيعة : قال : فأخبرني أنه كان يجيئها من الشيعة علانية ويردها عليهم في السر. (١) دل بفحواه على الترك مع الإمكان وعن النهي صريحا عن أموال الشيعة ولو كان أخذ الخراج من الحقوق التي ليست ظلما لم يجز ذلك.
ومن العجب أن المؤلف نقل هذا الخبر وخبر آخر في آخر رسالته وهو ما رواه الشيخ عن الحسن بن الحسن (٢) الأنباري عن الرضا عليهالسلام ـ الى أن قال ـ فكتب أبو الحسن عليهالسلام : فهمت كتابك وما ذكرت من الخوف على نفسك ، فإن كنت تعلم أنك إذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم يصير أعوانك وكتابك أهل ملتك ، فاذا صار إليك شيء وواسيت به فقراء المؤمنين كان جائزا وإلا فلا. (٣) (٤)
ثم قال ما ختم به رسالته : وما زلنا نسمع كثيرا ممن عاصرناهم لا سيما شيخنا الأعظم الشيخ علي بن هلال قدس الله روحه وغالب ظني أنه بغير واسطة بل بالمشافهة أنه لا يجوز لمن عليه الخراج والمقاسمة سرقته ولا جحوده ولا منعه ولا شيء من ذلك لأن ذلك حق عليهم. (٥)
فليت شعري كيف ختم بهذه رسالته مع أن كلام الامام صريح في عدم جواز
__________________
(١) تهذيب الأحكام ـ ج ٦ ـ ص ٣٣٥ ـ حديث : ٤٨ ـ ٩٢٧ ـ باب ٩٣ في المكاسب « أخبار الولاية » ـ مع اختلاف يسير.
(٢) الظاهر الحسن بن الحسين هو الصحيح.
(٣) تهذيب الأحكام ـ ج ٦ ـ ص ٢٣٥ ـ حديث : ٤٩ ـ ٩٢٨ ـ باب ٩٣ في المكاسب « اخبار الولاية » مع اختلاف يسير
(٤) راجع خراجيته (ره) ، ص ٩٠ ـ ٩١.
(٥) راجع خراجيته (ره) ، ص ٩٠ ـ ٩١.