فرسالته هذه مع كونه (١) واهية المباني ركيكة المعاني قد اشتهرت بين أهل الراحة وحب الاشتهار بشعائر الأبرار فأحببت إظهار ما غفلوا عنه قربة الى الله تعالى لئلا يضيع الحق فتدخل في سلك من رضي بإضاعته وسكت عن إنكار تضييعه ، لولا ذلك لكنت من المعرضين عنها كما أعرضت عن جواب استغابته وإعرابه من لا يؤمن على سفك الدماء المحرمة عن الأعوام والله الحكم يوم القيامة ، والعذر فيها أيضا من التشنيع ، فإن مثل ذلك جوابا عما سبق من تشنيعه جائز بل هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا وقع في تصنيف سبب خطائه فيه ، فإن بدأ استحق الجواب وهذه عادة السلف ، فان شككت في ذلك فلا حظ تصنيف العلامة خصوصا المختلف ، وانظر ما شنع فيه على ابن إدريس مع أن مصنفه إمام المذهب في العلم والعمل ، وأنما فعلوا ذلك ليكون علمائهم منزهين عن التعرض بمثل ذلك ، قال الشاعر :
بسفك الدماء يا جارتي تحقن الدماء |
|
وبالقتل تنجو كل نفس من القتل |
وقال تعالى ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ). (٢) وقلت [ مع ] قريحتي الفاترة :
ولو أن زيدا سالم الناس سالموا |
|
وكانوا له إخوان صدق مدى الدهر |
ولكنه أوذي فجوزي بعض ما |
|
جناه نكالا والتقاضي الى الحشر |
الثالثة : روى الشيخ في التهذيب عن محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن ابن جمهور عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام كثيرا ما يقول : اعلموا علما يقينا إن الله تعالى لم يجعل للعبد وإن اشتد جهده وعظمت حيلته وكثرت مكائده أن يسبق ما سمى به في الذكر الحكيم ولم يخل بين العبد في ضعفه وقلة حيلته أن يبلغ ما سمى له في الذكر الحكيم ، أيها الناس إنه لن يزاد امرء نقيرا بحذقه ولن ينقص امرء نقيرا بحمقه ، فالعالم بهذا
__________________
(١) الظاهر « كونها » هو الصواب.
(٢) البقرة : ١٧٩.