بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يسر معرفة اليقين فظهرت للعارفين حقائقه ، وأوضح لطلّابه أعلامه وبانت للمساكين طرائقه ، الذي يقذف ( بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ) (١) ، والصلاة على المختار للهداية فهو قائد الخير وسائقه ، محمّد المصطفى الذي صفت جميع صفاته وخلائقه ، وعلى أخيه الذي جعل سيفا لنبوّته فهو مؤازره وموافقة ، ذلك أمير المؤمنين حقّا المميّز به صادق عهد الله ومدافعة ، صلّى الله عليهما وعلى آلهما الذين هم سوابق الفضل ولواحقه.
وبعد ، فيقول الفقير الى الله المنّان إبراهيم بن سليمان : إنّ الزمان وإن تفاقمت (٢) ضلالته وبعدت هدايته ، ورجع القهقرى على عقبه وأقعى (٣) إقعاء الكلب على ذنبه ، وكلح (٤) منه لأهل الفضل نابا وفتح لهم من مضلّات الفتن بابا ، ونادى بخدّامه في الشهوات الذين ارتكبتهم الغفلة والهفوات : هلمّوا إلى بقية الله للدين وحفظة الحجج والبراهين ، فلا يبقوا لهم من الناس دارا ولا في عمران الأرض آثارا ، فإن وليّ النعم ودافع النقم ممد لأوليائه بالارقاد وهو القاهر
__________________
(١) اقتباس من آية ١٨ ـ سورة الأنبياء ـ أوّلها بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ ..
(٢) فقم الأمر : عظم ولم يجر على استواء
(٣) أقعى الكلب : جلس على استه. (*)
(٤) كلح : هو من الكلوح وهو الذي قصرت شفتاه عن أسنانه ..
__________________
(*) الإقعاء : أن يضع الرجل اليتيه على عقبيه في تشهديه. ( معاني الأخبار باب معنى الإقعاء ص ٣٠٠ ).