ـ كما أشرنا (١) ـ والأصل في المسكر أن يكون مستعملا في معناه الحقيقي ، مع أنّه على تسليم كونه مجازا فأقرب المجازات هو كونه محتمل السكر.
وحمل الحديث على كونه ممّن يستحلّ النبيذ المسكر فاسد ، لما ذكرنا ، أو غير المستحلّ للمسكر من العامّة أكثرهم يستحلّون قبل ذهاب الثلاثين ، فأيّ فائدة في عدم استحلالهم المسكر؟ وأيّ رابطة؟ وأيّ مناسبة؟!
فإن قلت : ليس من العامّة من لا يستحلّ العصير قبل ذهاب الثلاثين.
قلت : منهم من وافقنا لكن بشرط قذف الزبد (٢) ، ومعلوم أنّه لا يصير بختجا إلّا بعد قذف الزبد ، مع أنّ كثيرا من مذاهب العامّة يظهر من الأخبار أنّه كان في ذلك الزمان ، والأصحاب ما نقلوها ، لأنّ الظاهر أنّ الأصحاب ينقلون المذاهب الّتي ضبطها المعتنين لضبط المذاهب من أهل السنّة ، وكثيرا من مذاهبهم ما اعتنوا بها أصلا.
سلّمنا ، لكن يكون قوله عليهالسلام إشارة إلى جواز الشرب من الشيعة لا غير ، مع أنّ قوله : « من غير أصحابنا » لا يلزم أن يكون من العامّة ، فتأمّل.
مع أنّه جعله له قاعدة يمشى بها كيف كان ، ولا يلزم أن يكون أحد ملحوظ النظر بخصوصه.
وممّا يؤيّد ، نقل السيد رحمهالله في الانتصار عن أبي هاشم الواسطي (٣) : ( الفقّاع نبيذ الشعير ، فإذا نشّ فهو خمر ) (٤) ، وورد في الفقّاع من الأخبار ما يشيّد ذلك (٥).
__________________
(١) راجع الصفحة : ٩١ من هذا الكتاب.
(٢) لاحظ! المغني لابن قدامة : ٩ / ١٤٤.
(٣) في النسخة : ( الواشبي ) ، وما في المتن أثبتناه من المصدر.
(٤) الانتصار : ١٩٩.
(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٥٩ الباب ٢٧ من أبواب الأشربة المحرّمة.