وعلى تقدير القابليّة ، فلا وجه للتوجيه والتأويل ثمَّ الطعن بأنّ الحكم بالنجاسة لا دليل له ، وكذا الحكم بوجوب حدّ الشرب ، مع أنّ الثاني ، مسلّم الكلّ ، والأوّل حكم به معظم الفحول وأكثر الفقهاء المتديّنين الورعين المحتاطين في الفتوى ، سيّما القدماء الّذين فتواهم مقرون على النصوص ، وعارون عن الاجتهادات والأقيسة.
وممّا ذكرنا ظهر فساد باقي أدلّة هذا الفاضل ، إذ من (١) جملة أدلّته الأخبار الواردة في باب أصل تحريم الخمر مدّعيا ظهور انحصار حكاية ذهاب الثلاثين في العنب.
وفيه ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنّ الانحصار غير ظاهر ، إذ إثبات الشيء لا ينفي ما عداه ، مع أنّ في بعض النسخ موضع « الحبلة » « النخلة » (٢) ، وهذا أيضا ممّا [ يضرّ ] بالاستدلال.
فإن قلت : لمّا كان في الخبر الآخر موضع « الحبلة » « الكرم » (٣) ، عيّن هذا فساد تلك النسخة ، لأنّ الحكايتين في منازعة نوح مع الشيطان.
قلت : يجوز أن يكون نزاعه معه وقع في التمر أيضا ، كما وقع نزاعه مع آدم وحوّاء ، حيث وقع في التمر أيضا.
فإن قلت : الأقرب كون الحكايتين لمحكي واحد.
[ قلت ] : الأقرب أن يكون نزاعه مع آدم وحوّاء أيضا كذلك ، على أنّا نقول : الوارد في نزاع نوح لفظ « الكرم » و « الحبلة » ، فمن أين ظهر الحصر في العنب حتّى يدلّ أنّ الزبيب ليس كذلك.
__________________
(١) في النسخ : ( أو من ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) لاحظ! مرآة العقول : ٢٢ / ٢٤٩ الحديث ٣.
(٣) لاحظ! الكافي : ٦ / ٣٩٥ الحديث ٤.