سلّمنا ، لكنّه ليس من الأفراد المتبادرة من الإطلاق ، فإنّ الظاهر من إيجاد الصوم إيجاد النيّة من أوّل اليوم.
وأيضا ، الظاهر من إيجاد الصوم إيجاد صوم اليوم ، لا صوم بعض اليوم ، فظاهر هذه الأخبار أنّ وجوب الصوم مشروط بتحقّق الرؤية قبله ، حتّى يقع بعدها ، لا تحقّق الرؤية في الأثناء أيضا ووقع بعض الصوم قبل الرؤية.
وأيضا ، كلمة « الفاء » تفيد التعقيب ، والأمر يكون بالصوم بعد الرؤية ، بل ظاهرها الأمر بالصوم غدا بعد رؤية الهلال ، لا الصوم حين الرؤية وبعدها بلا فصل ، كما لا يخفى على المتأمّل.
فكذلك الأمر بالإفطار ، بقرينة السياق ، ولعدم القول بالفصل. فالظاهر منها : إذا رأيتم الهلال فصوموا غدا مطلقا ، وإذا رأيتم الهلال فأفطروا غدا مطلقا ، وهذا هو المنساق إلى الأذهان.
ولو لم ترد الرواية المتضمّنة لكون الرؤية قبل الزوال للّيلة الماضية وبعده للّيلة المستقبلة ، لما كان الخصم يفهم من الروايات المتواترة سوى الّذي ذكرناه ، من دون تأمّل وتزلزل ، كما لا يخفى ، وليس هذا إلّا من جهة الدلالة ، كما أنّه يحكم بعدم الفرق بين قبل العصر وبعده وقبل المغرب وبعده. إلى غير ذلك.
بل قال جدّي العلّامة المجلسي رحمهالله : إنّ دلالتها على ما ذكرنا قطعي (١) ، ولا يخلو عن وجاهة ، لأنّ حمل المتواترة على خصوص ما قبل الزوال فاسد قطعا ، وإرادة ما بعده فيها قطعيّة ، والصوم والإفطار لهذه يكون من الغد قطعا ، بالضرورة من الدين ، فأمر الشارع لأصل هذه الرؤية يكون بالصوم غدا والفطر غدا ، ويكون هذا المتبادر ، وهو الظاهر ، وهو المراد ، فكيف يفهم من عبارة
__________________
(١) لم نعثر عليه في مظانّه.