الثاني :
الأخبار المتواترة ، حيث أمروا فيها بالصوم بالرؤية (١) مطلقا ، أعمّ من أن يكون قبل الزوال أو بعده ، وأمروا بالإفطار بالرؤية كذلك ، من غير تفصيل بين قبل الزوال وبعده ، كما يقول به الخصم (٢).
وبالجملة ، التفصيل المذكور خلاف ظاهر تلك الأخبار المتواترة ، فإنّ الظاهر منها أنّ الصوم للرؤية على نهج واحد (٣) لا تفصيل فيه ، وكذلك الفطر ، فالظاهر كونها بنسق واحد.
وتخصيصها بالرؤية قبل الزوال فاسد قطعا ، بل القطع حاصل بدخول الرؤية بعد الزوال فيها ، بل في كثير منها الأمر بإنشاء الصوم بعد تحقّق الرؤية.
بل من المسلّمات أنّ المطلق منصرف إلى الشائع ، والشائع وقوع الاستهلال بعد الزوال ، والغالب الرؤية ذلك الوقت ، فتعيّن أن يكون المراد الصوم غدا والفطر غدا مشروطين بالرؤية المتعارفة ، والمشروط عدم عند عدم شرطه.
مع أنّ الصوم حقيقة في الكفّ المعهود من ابتداء الفجر إلى الغروب ، وظاهر في ذلك.
فالأمر بإنشاء الصوم بعد الرؤية في غاية الظهور في أنّ المراد غدا.
وامتداد وقت نيّة الصوم إلى الزوال في بعض الأحوال لا يقتضي وجود صوم بعض اليوم ، بل الإجماع والأخبار ظاهران في كون المكلّف صائما في مجموع اليوم لا في بعضه ، والمعصوم عليهالسلام أمر في تلك الأخبار بنفس الصوم لا بإيجاد نيّته (٤).
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٠ / ٢٧٨ الباب من أبواب أحكام شهر رمضان.
(٢) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٣ / ٢٨٧.
(٣) في ألف : ( على أنّه واحد ).
(٤) في الأصل : ( لا بإيجاد نفيه ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.