وهو المعتبر ، وورد في الآيات (١) والأخبار (٢) الأمر بمتابعة العقل وكونه حجّة ، وورد : « عليكم بالدرايات دون الروايات » (٣) ، و : « إنّ لكلّ حقّ حقيقة ، ولكلّ صواب نورا » (٤) ، وأجمع الفقهاء على أنّ الحديث الموافق للعقل مقدّم وراجح.
بل ومخالفتها للوجدان ، إذ كثيرا ما يرى الهلال قبل الزوال (٥) ، مع أنّ الليلة السابقة الدنيا صحو ، لا غيم ولا غبار أصلا ولم يره أحد ، وبالعكس ، إذ كثيرا ما يرى الهلال في الليلة الماضية إلّا أنّه ضعيف غاية الضعف ، فلا يرى في الغد إلّا بعد الزوال ، وربّما قبل الزوال ويصير الشهر ثلاثين يوما ، فيلزم أن يصير أحدا وثلاثين ، وربّما يرى بعد الزوال ويصير تسعة وعشرين.
وبالجملة ، الفرق بين الجنوبي والشمالي ، وعالي الدرجة وخلافه (٦) محسوس ، ومجرّد التفاوت بين [ أن ] يرى ولا يرى عند خروج الشعاع لا يجعل الأمر كما في هذه الأخبار دائما ، وذلك ظاهر بلا شبهة.
وعلى أيّ حال ، كيف يقول المعصوم عليهالسلام ما قال؟! بل يحصل في كلامهم التدافع ، مضافا إلى مخالفة الوجدان ، مع أنّ موضوعات الأحكام إذا لم تكن عبادات لم تكن وظيفة الشرع ، كما حقّق في محلّه.
وبالجملة ، كلّ هذا مضعّف للدلالة ، فلا يقاوم غير المضعّف (٧) ، على أنّ ما
__________________
(١) لا حظ! البقرة (٢) : ٧٣ و ٧٦ و ٢٤٢ ، آل عمران (٣) : ١١٨ ، الأنعام (٦) : ١٥١ ، وغيرها.
(٢) لاحظ! الكافي : ١ / ١٠ كتاب العقل والجهل.
(٣) السرائر : ٣ / ٦٤٠ ، بحار الأنوار : ٢ / ١٦٠ الحديث ١٢.
(٤) السرائر : ٣ / ٦٤٠ ، بحار الأنوار : ٢ / ١٦٠ الحديث ١٢.
(٥) في النسخ : ( بعد الزوال ) ، وقد أورد في حاشية ب ما أثبتناه في المتن وأشار له بكلمة ( ظاهرا ) ، ولعلّه هو الصواب.
(٦) في ألف : ( وخلاف ) ، والعبارة ساقطة من ب ، ج ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٧) في الأصل : ( فلا يقاوم غير الضعف ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.