وأنّ ما ذا قدّم [ فقهاؤهم ] يجب تركه (١).
وهذا يقتضي الحكم بما هو مستند المشهور ، لأنّ هذه الأخبار موافقة لهم (٢) ، ومستند المشهور مخالف لهم ، بل ليس إلّا ردّا عليهم.
بل يظهر من بعضها أنّ ما هو أوفق بمذهبهم وطريقتهم يجب تركه وما إليه حكّامهم أميل وقضاتهم (٣) ، وما هو أبعد منهم يجب الأخذ به.
وأمّا الغلبة ، فلبناء العرف غالبا على التغيير ، كذلك يقول : هذا كذا ، ويريدون الغالب.
وأمّا الشرع ، فطريقه مكالماته طريقة العرف ، ألا ترى أنّه يقول : المني دافق (٤) ، و : الحيض أسود والاستحاضة أصفر (٥) ، و : الوجه من قصاص شعر الرأس إلى الذقن (٦). إلى غير ذلك ممّا لا يمكن إحصاؤه ، يريد في كلّ ذلك أنّ الغالب كذا.
فلو قيل بأنّ مراده عليهالسلام كون الهلال قبل الزوال للّيلة الماضية بحسب الواقع يلزم الكذب الصريح ، لما عرفت ـ حاشاه عن ذلك ـ ولا شبهة في استحالته.
فلا جرم إمّا هو تقيّة ، أو الحكم على سبيل الغالب. ولا شكّ في أنّه إن قال صريحا أنّه في الغالب للّيلة ، لم يكن إلّا إخبارا عمّا في الواقع ، ولا يلزم أن يكون فيه ثمر شرعي أصلا ، وعلى تقدير اللزوم فثمرته ثمر المظنّة ، كما عرفت ، ولا شكّ
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
(٢) في الأصل : ( بما هو مستند المشهور ، لا هذه الأخبار وموافق لهم ) ، ويبدو أنّ ما أثبتناه هو الأصوب.
(٣) في الأصل : ( وما إليه أحكامهم أميل وقضاؤهم ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ١٩٦ الحديث ١٩١٢.
(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٢٧٥ الحديث ٢١٣٣.
(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٣ الباب ١٧ من أبواب الوضوء.