ـ على فرض الثبوت ـ يحتمل الموافقة لما ظنّه والمخالفة له.
والاحتمالان على حدّ سواء بلا شبهة ، وعدم ضرر الاحتمال إنّما هو من جهة الاستصحاب ، وقد عرفت عدمه قطعا.
وأمّا بعد الانقطاع ، فهل حدث أمر ، أو ما حدث؟ وعلى تقدير الحدوث ، يكون الحادث ما ذا ، هو أمر آخر لا دخل له في الاستصحاب.
وأيضا ، المجتهد بالموت يخرج عن قابليّة التكليف ، والمجتهد الخارج عنها ليس قوله حجّة أصلا ، فلا يمكن القياس من هذه الجهة أيضا.
وأيضا : ظنّ المجتهد ما لم يكن حجّة على نفسه لم يكن حجّة على غيره ، لأنّ كبرى قياسه : أنّ ما حصل به ظنّي فهو حجّة الله في حقّي وحقّ مقلّدي ، ولم يثبت حجيّة ظنّ منه سواه ، وبالموت لا يكون حجّة على نفسه ، فكيف على غيره؟!
فلا يمكن القياس من هذه الجهة أيضا ، بل المتبادر من الأخبار ليس إلّا أنّ الفقيه هو الأصل والمقلّد فرعه ، فكيف يزيد الفرع على الأصل؟! فتأمّل الأخبار والآية!
فإن قلت : من جملة الأدلّة الّتي استدلّوا بها على حجّية قول المجتهد ، هو قضاء الضرورة (١) ، فلعلّه يشمل ما نحن فيه.
قلت : كيف يمكن دعوى قضاء الضرورة بعد الإحاطة بما ذكرنا بالنسبة إلى قول الميّت؟!
فإن قلت : لعلّ مراده ، أنّ قول المجتهد إذا كان موافقا لدليل شرعيّ ـ بأن أخذه منه ـ يكون حجّة ، لكونه حقّا وصوابا ، ولا فرق في ذلك بين حيّه وميّته ،
__________________
(١) انظر : معالم الأصول : ٢٣٩.