« عليكم بالدرايات دون الروايات » (١). إلى غير ذلك من الأخبار الدالّة على عدم جواز العمل بالرواية المذكورة وحرمته ، كما ستعرف أيضا.
فالرواية المذكورة يجب عدم العمل بها من وجوه لا تخفى ، عرفت وستعرف كثيرا منها.
ثمَّ إنّه حدث في هذه الأزمان قول بحرمة الجمع المذكور ، مع غاية بعد العهد عن أوان الشريعة المقدّسة بزمان طويل يزيد عن ألف سنة بكثير ، من غير أن يكون ذلك الزمان قول من فقيه أو فعل من مسلم ، بل كون الأمر بخلاف ذلك ، مع عدم قول بالكراهة أو فعل ، فضلا عن الحرمة ، على ما عرفت.
ومنشأ إحداثه هذا القول أنّ الشيخ رحمهالله في زيادات « التهذيب » روى عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن السندي بن ربيع ، عن أبي عمير ، عن رجل من أصحابنا ، قال : « سمعته يقول : لا يحلّ لأحد أن يجمع بين ثنتين من ولد فاطمة عليهاالسلام ، إنّ ذلك يبلغها فيشقّ عليها ، قلت : يبلغها؟ قال : إي والله » (٢).
قال : ورواه الصدوق في « العلل » (٣) عن محمّد بن عليّ بن ماجيلويه ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن [ محمّد ] ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن حمّاد ، قال : « سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا يحلّ. » الحديث ، ثمَّ ادّعى أنّ هذه الرواية عنده حجّة البتّة ، وأمّا عند المتأخّرين ، فطريق « العلل » صحيح البتّة ، وأمّا طريق الشيخ ، فمن المعلوم أنّه إنّما نقل أخبار كتبه من الأصول المحقّقة الثبوت ، المقطوعة الاتّصال بالأئمة عليهمالسلام.
__________________
(١) بحار الأنوار : ٢ / ٢٠٦ الحديث ٩٧ ، وفيه : ( عليكم بالدرايات لا بالروايات ).
(٢) تهذيب الأحكام : ٧ / ٤٦٣ الحديث ١٨٥٥ ، وسائل الشيعة : ٢٠ / ٥٠٣ الحديث ٢٦٢٠٦.
(٣) علل الشرائع : ٢ / ٥٩٠ الحديث ٣٨.