بحالها ، وأضبط ، ولذا صار ثقة الإسلام عند الخاصّة والعامّة ، ومع ذلك ألّف « الكافي » في عرض عشرين سنة وفي السياحة في البلدان ، وأحاط بكلّ بلد كان فيه أصل من تلك الأصول ، وحقّق ، ووفّق [ في ] الأخذ والانتخاب.
وأيضا ، لو كانت كما ذكره ، لكان الصدوق ذكره في « الفقيه » الّذي صنّفه لمن لا يحضره الفقيه ، وقال في أوّله ما قال ، بل لم يذكرها في كتاب من كتب فتاواه أصلا ، بل وأظهر في الكلّ غاية الإظهار بعدم تحريم الجمع ، وعدم كراهته أيضا على حسب ما نبهناك عليه ، سيّما كتاب « الخصال » (١).
بل عرفت أنّه لم يذكرها في كتابه « العلل » في باب النكاح ، بل ولا في نوادر النكاح ، وهذا ينادي بأنّه فهم منها معنى آخر ، كما سنذكر عن خالي العلّامة المجلسي ، بل عرفت أنّ عادته ذكر عنوان لما اعتمد عليه ، ولم يذكر لها عنوانا أصلا.
وما ذكره من أنّ الصدوق لم يردّها ولم يوجّهها ، وأنّ هذا دليل على قوله بمضمونها وفتواه بظاهرها لأنّه في مقام كذا ومقام كذا فعل كذا ، أي تعرّض للردّ أو التوجيه.
ففيه ، ما عرفت من أنّه رحمهالله كغيره في مقامات لا تحصى أورد روايات ظاهرة في الوجوب ومتضمّنة لما هو حقيقة فيه ، بل ربّما كانت في غاية الظهور ، مع أنّ مراده الاستحباب قطعا ، ولم يتعرّض لتوجيه أصلا ، وكذا أورد روايات ظاهرة في الجبر (٢) ، أو التشبيه وجسميّة الرب (٣) ، أو كونه في سمت ، أو عدم
__________________
(١) الخصال للصدوق : ٢ / ٥٣٢ ، وقد مرّ في الصفحة ١٧٠ من هذا الكتاب.
(٢) لاحظ! التوحيد للصدوق : ٣٥٧ الحديث ٥.
(٣) التوحيد للصدوق : ٣٥٧ الحديث ٤ و ٣٩٠ الحديث ١ و ١٠٠ الحديث ١٠ و ١٥٢ الحديث ١٠.