فكيف يعارض خبر الواحد كتاب الله ، سيّما بعد ملاحظة أخبار آحاد كثيرة لا تحصى أنّ ما خالف كتاب الله يجب ترك العمل به (١) ، وغير ذلك ممّا عرفت من التأكيدات في منع العمل؟!
وأمّا القائلون بجواز التخصيص ، فلا يرضون بتخصيصه بما ذكرت من الرواية قطعا ، كما هو صريح كلماتهم ، لادّعائهم الإجماع على اشتراط العدالة في قبول خبر الواحد في نفسه (٢) ، فضلا عن [ أن ] يعارض كتاب الله [ و ] يغلب عليه ، وصرحوا أيضا بأنّ الشك في الشرط يوجب الشك في المشروط ، فلا بدّ عندهم من ثبوت عدالة كلّ واحد واحد من رواته.
ومع ذلك ، الخبر الشاذ لا يكون عندهم حجّة أصلا ، فضلا عن أن يغلب على كتاب الله.
وروايتك شاذّة بلا شبهة ، واعترفت بذلك.
ومع جميع ذلك ، صرّحوا بوجوب كون الخبر الواحد قطعيّ الدلالة ، حتّى يصحّ تخصيص الكتاب به (٣) ، حتّى يحصل التعادل والتقاوم بينه وبين الكتاب ، لأنّه قطعيّ المتن ظنّي الدلالة من جهة عمومه ، والخبر وإن كان ظنّي المتن إلّا أنّه قطعيّ الدلالة ، ومن المعلوم أنّ هذا العذر خطأ ، لأن الأصل إذا كان غير يقيني كونه من الله ، فالدلالة أيّ نفع فيها؟ وأنّ الخبر يخلف في الدلالة ، والأصل إذا كان يقينا من الله ، فالظنّ يكفي في الدلالة ، لأنّ إرادة خلاف الظاهر قبيح على الله تعالى.
ولعلّ عذرهم ـ في الحقيقة ـ هو الإجماع الّذي ادّعوه على كون خبر
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٩ الحديث ٣٣٣٤٣ و ١١٢ الحديث ٣٣٣٥١ ، وغيرهما.
(٢) لاحظ! المعتبر للمحقّق الحلي : ١ / ٢٩ ، معالم الأصول. ٢٠١.
(٣) لاحظ! معالم الأصول : ١٤٠ ـ ١٤١.