الواحد حجّة في نفسه ، إن تمَّ بالنسبة إلى ما يعارض الكتاب ، لما عرفت من منع جمع حجّيته حينئذ.
نعم ، لمّا كان الكتاب اقتضى حجّية خبر العادل ، لقوله تعالى ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ) (١). إلى آخره ، بالتقريب الّذي ذكروا ، لا جرم يكون تخصيص الكتاب ـ في الحقيقة ـ بالكتاب ، مضافا إلى دلائل أخر على حجّية الخبر.
هذا غاية ما يمكن أن يعتذر لهم ، ومع ذلك لا يتمّ الاعتذار بملاحظة الأخبار المتواترة الصريحة الدلالة واضحتها (٢) في أنّ ما خالف كتاب الله يجب ترك العمل [ به ]. لكن إن تمَّ ، فإنّما هو في خبر العدول الثابتة العدالة ، وكذلك فيما هو دلالته قطعيّة وأقوى من دلالة الكتاب البتّة ، بل وبمراتب.
وأين هذا من سند روايتك؟ ومن دلالتها أيضا؟ لكونها ضعيفة :
أمّا السند ، فقد عرفت ، لأنّ العدالة شرط عندهم جزما.
وأمّا الدلالة ، فستعرف يا أخي [ أنّ ] عذر اتّفاق جميعهم على عدم حرمة الجمع بين علويّتين كان براهين قاطعة ، وأنوار ساطعة ، كما عرفت وستعرف أيضا.
وأنت قلت : لا نفقه كثيرا ممّا تقول ، ونسبتهم إلى الإجماع على الخطأ (٣) ، فكيف جعلت اتّفاق جمع منهم منشأ لردّ كلمات الرسول صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام في الأخبار المتواترة الّتي كثير منها صحيح ، وكثير منها في غاية الاعتبار ، أشدّ اعتبارا من روايتكم بمراتب شتّى ، كما عرفت وستعرف ، ومع ذلك ظهر حال هذا الاتّفاق القليل؟!
__________________
(١) الحجرات (٤٩) : ٦.
(٢) في الأصل : ( واحتجّها ) ، والظاهر أنّ ما أثبتناه هو الأنسب بالعبارة.
(٣) في الأصل : ( ونسبتهم الإجماع إلى الخطأ ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.