معتبرا فيه ، على قياس ما قلتم في انحصار التقليد في الحيّ.
وكذا الحال بالنسبة إلى غير العدالة من الأمور الّتي يحتاج إليها شرعا ، حتّى أنّه يلزم ممّا ذكرتم عدم الحاجة إلى وجود الإمام والحجّة بعد الرسول صلىاللهعليهوآله ، بل صحّ ما ذكره الثاني بقوله : ( حسبنا كتاب الله ) (١) ، وما ذكره العامّة بقولهم : ( حسبنا الروايات والاجتهادات ) (٢) ، وأين هذا من قولكم : حسبنا الاجتهادات المكتوبة وكتب الأموات؟! فإنّه أردأ ممّا قالوا ، بل يلزم ممّا ذكرتم عدم الحاجة إلى الرسول صلىاللهعليهوآله أيضا.
وبالجملة ، ما ذكرتم بعينه هي الشبهة الّتي يوردها العامّة علينا بسبب قولنا بأنّه لا بدّ في كلّ عصر من وجود حجّة على الناس (٣) ، كما لا يخفى على من تأمّل وأمعن نظره.
وأيضا ، حال فروع الدين ليس بأشدّ من حال أصول الدين ، فما تقولون في حال الأقطار والأمكنة الّتي ليس فيها من يعلم أصول الدين ، مثل البوادي والقرى والجبال والأمصار الواقعة في بلاد الكفر أو الضلالة ، فإنّ غالب الناس من الأعراب والأتراك والأكراد والألوار وأهل القرى والدساكر ، وكذا أهل السند والهند والروم ، وغيرهم من سكنة بلاد الإسلام ، ليس عندهم من يعلّمهم أصول الدين ، فضلا عن بلاد الكفر والضلالة؟
ومنهم من فهم من يعلم لكن لا يعلّم أيضا إمّا خوفا أو تملّقا أو مظنّة أنّهم لا يسمعون قوله ، أو لعدم مبالاتهم بالدين.
__________________
(١) لاحظ! صحيح البخاري : ٥ / ١٣٨ و ٨ / ١٦١.
(٢) انظر : عدّة الأصول ـ المطبوع الحجري ـ : ٢ / ٢٩٣ ، جامع بيان العلم وفضله : ٣٥٨ باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص.
(٣) لا حظ! شرح المقاصد للتفتازاني : ٥ / ٢٤١.