عقدا أو معاوضة.
هذا ، مع أنّ الكلام في صحّة هذه المعاملة ، أو عدم صحّتها سيجيء ، فانتظر.
وأمّا ما دلّ على فتوى الفقهاء من غير جهة الخبر :
فمنها :
ما استدلّ به لما ذهب إليه فقهاؤنا ـ سوى العلّامة ـ من عدم اختصاص الربا بالبيع والقرض ، بل هو جار في جميع المعاملات أيضا ، من أنّه لو كان مختصّا بهما لما وقع آكلو الربا في الضيق الشديد ، وما صاروا معرضا للوعيد والتهديد ، وما خالفوا الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع ما في المخالفة من خطر الدنيا والآخرة ، ولما بقوا على مخالفتهم إلى أن نزل فيهم ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ) (١) ، وغير ذلك ، إذ غرضهم ما كان إلّا تحصيل المنفعة من دون مضايقة في حصولها من المصالحة أو الهبة أو القرض أو المبايعة وغير ذلك.
والحاصل ، أنّ امّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيرهم ، كانوا مشغوفين بأكل الربا ، حريصين عليه على عاداتهم الجاهليّة ، فلمّا أنزل حرمة الربا فمنهم من أطاع الله ، أو خوفا منه ، أو خوفا من مؤاخذة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، على تفاوت حالاتهم.
وكان الترك شاقّا عليهم ، حتّى أن بعضهم من شدّة المشقّة ما ترك أصلا ، وما أطاع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع كونه من أمّته واختياره إطاعته في جميع الأمور ، واختار عظيم خطر المؤاخذة الدنيويّة والعقوبة الأخرويّة على تلك المشقّة إلى أن نزل فيهم ما نزل.
ومع ذلك بقي جمع من الأمّة على التمرّد والعصيان ، في البلدان والأزمان ، إلى هذا الزمان ، فلو كان أهل الصدر الأوّل ـ الّذين هم المخاطبون في التكليفات ،
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧٩.