وأيضا ، ورد في الكتاب والسنّة المنع عن الحكم الشرعي بغير ثبوت من الشرع ، مثل ( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (١) ، وغير ذلك (٢) ممّا لا يحصى كثرة.
وأيضا ، إجماع المسلمين قاطبة واقع على ذلك ، سيّما الفرقة الناجية.
وبالجملة ، لا تأمّل في أنّ الأصل عدم الصحّة حتّى تثبت بدليل.
فإن قلت : الفقهاء يقولون : الأصل الصحّة.
قلت : مرادهم منه العمومات الدالّة على الصحّة مثل ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٣) وغيره ، ولا شكّ في أنّه إذا دلّ عموم على الصحّة تكون صحيحة البتّة ، فالعموم دليل ، والكلام في أنّه ما لم يكن دليل على الصحّة فالأصل عدمها.
فإن قلت : فأيّ فائدة في هذا الأصل بعد تحقّق العموم؟
قلت : الفائدة أنّه كثيرا ما لا يثبت الصحّة من العموم ، مثلا : إذا أردنا إثبات صحّة بيع من عموم ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٤) ، فلا شكّ في أنّ إثباتها يتوقّف على أمور :
الأوّل :
ثبوت كون ذلك بيعا حقيقة في اصطلاح الشرع ، فيحتاج إلى استفراغ الوسع ، وبذل الجهد بحسب الطاقة في تحصيل اصطلاح الشارع وما هو الحقيقة في محاوراته في ذلك الزمان ، فلا يمكن الإثبات لغير المجتهد.
وأمّا المجتهد ، فإن حصّل الاصطلاح فذلك ، وإن لم يحصّل ـ كما هو الظاهر
__________________
(١) يونس (١٠) : ٥٩.
(٢) لاحظ! بحار الأنوار : ٢ / ١١١ الباب ١٦.
(٣) البقرة (٢) : ٢٧٥.
(٤) البقرة (٢) : ٢٧٥.