الحكم شرعيّا.
على أنّه إذا كان الأصل هو الصحّة ، يلزم أنّ يكون كلّ من يعامل معاملة يكون شارعا أو شريك الشارع في الشرع والتشريع ، وأن لا يكون التشريع حراما.
فإن قلت : الفقهاء يستدلّون بأصالة الصحّة.
قلت : يتمسّكون بها في موضع ثبت حكم من الشرع صحّة وفسادا ، ولا يدري أنّ الواقع من المسلم هل يكون من الصحيح ، أو الّذي ثبت فساده ، فيقولون : الأصل صحّة ما وقع منه ، حملا لتصرّف المسلم على الصحّة ، وهو إجماعي ، وظاهر من الأخبار (١). وأمّا إذا لم يعلم حكم شرعا ، فكيف يمكنهم القول بأنّ الأصل ثبوت الحكم شرعا إلى أن يثبت عدم ثبوته شرعا؟!
فإن قلت : ربما نراهم يتمسّكون بهذا الأصل ، فما لم يعلم حكمه يثبتون به حكمه.
قلت : لعلّ المراد من الدليل مثل العمومات. ولو ظهر أنّ مرادهم غيره ، فلا شبهة في توهّم المتمسّك ، إلّا أن يريدوا منه مجرّد قراءة صيغة تلك المعاملة ، وإعطاء كلّ واحد من المتعاملين ما له بطيب نفسه منه ، فمنعهما عن الأمرين (٢) تكليف لم يثبت من الشرع ، والأصل عدمه ، والأصل براءة ذمّتهما.
مع أنّ « الناس مسلّطون على أموالهم » ، كما ورد في النصّ (٣) ، وورد أيضا « لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفسه » (٤).
__________________
(١) لاحظ! بحار الأنوار : ٦٥ / ٢٠٠ الحديث ٤ و ٧١ / ١٦٥ الحديث ٢٩ و ٧٢ / ١٩٦ الأحاديث ١١ ـ ١٦.
(٢) في ب : ( فإنّ منعهما عن الأمرين ).
(٣) عوالي اللئالي : ١ / ٢٢٢ الحديث ٩٩ و ٢ / ١٣٨ الحديث ٣٨٣ و ٣ / ٢٠٨ الحديث ٤٩.
(٤) عوالي اللئالي : ٢ / ١١٣ الحديث ٣٠٩.