ويستفاد من كلام الشيخ رحمهالله وغيره أنّ عدم الرواية من خصائص الصدوق رحمهالله وشيخه ، فلا يصحّ ما ذكره أنّه من ثمَّ لم يذكر هذه الرواية في الكتب الأربعة ، مضافا إلى ما ذكرنا.
وأمّا النجاشي ، فلم يتعرّض لقول الصدوق رحمهالله وشيخه وحالهما أصلا ، وفيه شهادة واضحة على عدم اعتنائه بالمرّة ، ومع ذلك قال : ( زيد النرسي روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهماالسلام ، له كتاب يروي جماعة عنه بكتابه ) (١).
وفيه ـ مضافا إلى ما ذكرنا ـ شهادة واضحة على معروفيّة كتابه وشهرته ، بل وصحّته ، لأنّ جماعة من الأصحاب رووه عنه ، ومنهم ابن أبي عمير ، ولا شبهة أنّ النجاشي أعرف وأضبط ، سيّما وشاركه من شاركه ، وتأيّد بما قلنا.
وعدم الذكر في الأربعة غير مضرّ ، لأنّ دليل الحجّية عام والمخصوص (٢) غير موجود ، مع أنّ الأصحاب عملوا بأخبار كثيرة (٣) ليست مذكورة فيها وهي معروفة ، مع أنّهم أفتوا بفتاوى كثيرة غير ظاهرة المأخذ (٤) ، ولا مأخذ لها قطعا من غير طريق الأثر.
مع أنّي تفحّصت (٥) الكتب غير الأربعة ، فعثرت على مئاخذ كثير منها إلى
__________________
(١) رجال النجاشي : ١٧٤ الرقم ٤٦٠.
(٢) كذا ، والظاهر أنّ الصواب : ( والمخصّص ).
(٣) في ب : ( بأخبار كثيرة له ).
(٤) لاحظ! الرسائل الأصوليّة : ٢٥٣ ـ ٣٠٧ ، فقد ذكر المؤلّف رحمهالله هناك ـ في رسالة الإجماع ـ أمثلة كثيرة لفتاوي غير ظاهرة المأخذ. كما جاء في مقدّمة المهذّب لابن البرّاج : ٢ / ٣ : ( كان سيّدنا آية الله البروجردي ـ أعلى الله مقامه ـ يقول : إنّ في الفقه الإمامي فتاوي مسلّمة تلقّاها الأصحاب قديما وحديثا بالقبول ينوف عددها على تسعين مسألة ليس لها دليل إلّا الشهرة الفتوائيّة .. ومن المؤسف جدّا أنّه قدسسره لم يعيّن موارد هذه الفتاوى ولم يسمّها ، غير أنّ المظنون أنّ قسما وافرا منها يرجع إلى باب المواريث والفرائض ، ففي ذلك الباب فتاوى ليس لها دليل إلّا الشهرة ).
(٥) في ب : ( تصفّحت ).