كذلك ، بحكم الاستقراء ، ولما عرفت من تقييد الأخبار وكلام أهل [ اللغة ] بالعنب إذا أريد العنبي ، إذ لو كان مختصّا بالعنبي لما كان لتقييد [ ه ] وجه ومناسبة.
وقال بعض الفضلاء : العصير حقيقة في القدر المشترك بين الثلاثة ، لتعارف إطلاقه على الزبيبي والتمري ، كتعارف إطلاقه على العنبي (١).
ويؤيّده أيضا ، عدم معهوديّة الإطلاق على غيرها.
ويؤيّده ، أنّه لو كان مختصّا بالعنبي ، لما كان للفظ « كلّ » و « أيّ » في هذه الأخبار مناسبة ، بل كان المناسب أن يقال : العصير إذا غلا حرم حتّى يذهب ثلثاه.
وما اعتذر عن ذلك بعض الفضلاء من أنّ المراد سواء أسكر كثيره أم لا ، وسواء أخذ من كافر أو مسلم ، لما دون الثلث أم لا ، عارف أم لا (٢) ، لا يخفى بعده.
وممّا يؤيّده أيضا ، ما مرّ في صدر الرسالة من أنّ ما قال بعض الفضلاء من أنّ العصير عند الفقهاء مختصّ بالعنبي غلط ، ووجه كونه غلطا وغير ذلك ممّا ذكرناه هناك ، فلاحظ.
هذا كلّه ، مضافا إلى ما مرّ من الأخبار والمؤيّدات ، وما سيجيء منهما ، فإنّ كلّ واحد واحد شاهد ، ومؤيّد.
هذا ، ولو قيل بأنّ المعنى الاسمي غير ثابت ، تكون دلالة هذه الأخبار على المطلوب في غاية الوضوح. والاعتراض حينئذ بأنّه يلزم التخصيص الّذي لا يرضى به المحقّقون ، مشترك الورود ، بل وروده على القائل بالاختصاص بالعنبي أشدّ وأشدّ.
__________________
(١) المراد ببعض الفضلاء : الشيخ أبو الحسن سليمان بن عبد الله البحراني. لا حظ! الحدائق الناضرة : ٥ / ١٤٥.
(٢) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٥ / ١٤٦.