نعم ، جمع من المتأخّرين وبعض القدماء اختاروا حلّية ماء التمر إذا غلا ولم يكن مسكرا جزما ، كما يظهر من كلامهم (١) ، وأحدهما غير الآخر.
ومن يجوّز لأحد أن يشرب النبيذ مع استشعاره بأنّه يحتمل كونه نبيذا مسكرا فإن وجد أنّه مسكر فلا يشرب بعد ذلك ممّا شربه بل يشرب مثله ، فإن وجده مثل الأوّل فلا يشرب منه أيضا بل يشرب آخر مثله ، وهكذا ، ويفتح على الناس بابا لشرب المسكر (٢) ، سيّما إذا كان الثبوت (٣) مقصورا في شهادة العدلين ، مع أنّ العدل ربّما يصير منهما مع هذا؟!
مع أنّه يلاحظ أنّ الشارع حرّم الأدوية الّتي احتاجوا إليها بعلاج الأمراض الشديدة إذا كان فيها ذرّة من المسكر (٤) ، بل ولو كان العلاج بغير الشرب مثل الاكتحال والاطلاء (٥) ، بل وحرّم سقي شيء منه للصبيان (٦) ، بل والبهائم (٧) ، بل وحرّم ما في بطن البهيمة الشاربة (٨) ، بل وحرّم المائدة الّتي وقع الشرب عندها (٩) ، وقرّر المعين على الشارب (١٠) ، ونهى عن الصلاة عليه إن
__________________
(١) لاحظ! مسالك الأفهام : ٢ / ١٩٧ ، مجمع الفائدة والبرهان : ١١ / ٢٠٢ ، وكذا : الحدائق الناضرة : ٥ / ١٤١.
(٢) في النسخ الخطّية : ( ويفتح على الناس بأن يشرب المسكر ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٣) في النسخ الخطّية : ( إذا كان الثوب ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٤٣ الباب ٢٠ من أبواب الأشربة المحرّمة.
(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٤٩ الباب ٢١ من أبواب الأشربة المحرّمة.
(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٠٧ الأحاديث ٣١٩٧٣ و ٣١٩٧٤ و ٣١٩٧٥ و ٣١٩٧٨.
(٧) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٠٨ الحديثين ٣١٩٧٦ و ٣١٩٧٧.
(٨) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٦٠ الباب ٢٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة.
(٩) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٤ / ٢٣٢ الباب ٦٢ ، ٢٥ / ٣٧٤ الباب ٣٣
(١٠) كذا في النسخ ، والظاهر أنّ الصواب : ( وحذّر المعين للشارب ) ، لا حظ! جامع الأخبار : ٤٢٤ الحديثين ١١٨٢ و ١١٩٥.