٢ ـ وقال وهب بن منبّه في قوله : جل ذكره : ( وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ ) (١) نسختها الآية التي في غافر : ( وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) (٢).
٣ ـ وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم : إنّ قوله جل ذكره : ( وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (٣) منسوخ بقوله : ( إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ) الآية (٤).
ولقد أشار إلى منهج السلف هذا في الناسخ والمنسوخ عدد من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى حيث يقول : وفصل الخطاب أن لفظ النسخ مجمل ، فالسلف كانوا يستعملونه فيما يظن دلالة الآية عليه من عموم أو إطلاق أو غير ذلك (٥).
ومنهم الإمام الشاطبي في موافقاته حيث يقول : يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليين ، فقد يطلقون على تقييد المطلق نسخا ، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخا وعلى بيان المبهم والمجمل نسخا كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر نسخا ، لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحد (٦).
ومنهم الإمام ابن القيم رحمهالله حيث يقول : مراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة وهو اصطلاح المتأخرين ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر تارة أخرى. إما بتخصيص عام أو تقييد مطلق وحمله على المقيد وتفسيره
__________________
(١) سورة الشورى آية ٥.
(٢) سورة غافر آية ٧.
قلت : آية غافر مخصصة لآية الشورى فسمى ابن منبّه التخصيص نسخا.
(٣) سورة النور آية ٤.
قلت : اعتبر أبو عبيد الاستثناء نسخا.
من أجل الاستزادة من الأمثلة انظر الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي ٣ / ١٠٩ ـ ١١٦.
(٤) سورة النور آية ٥.
(٥) انظر : الفتاوى ١٤ / ١٠١.
(٦) الموافقات ٣ / ١٠٨.