وقوله جل وعز : ( وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ ) (١).
وقوله سبحانه : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٢).
ومع تواتر الوقائع المتضمنة للنسخ من نصوص الكتاب والسنة مما لا مجال فيه للجمع ورفع التعارض بين النص المتأخر والنص المتقدم.
مع ذلك تجد جماعة من أهل العلم اعتدوا على صرح للعلم شامخ وضعت لبناته زمن صاحب الرسالة ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ونزل الوحي بإثباته وإقراره.
وفهم الصحابة الذين عاصروا التنزيل تلك النصوص المتضمنة للنسخ فعملوا بمقتضى مراد الشارع.
اعتدى جمع من أهل العلم على حقيقة لا تقبل الجدل في إثبات وجودها إذ بلغ أمر ثبوتها مبلغ التواتر فحكموا على ثبوت النسخ بالإبطال والإنكار وتمحلوا في التأويل والتعليل. فكان أشهر هؤلاء :
١ ـ محمد بن بحر الأصفهاني : أبو مسلم أحد أئمة المعتزلة المتوفى عام ٣٢٢ ه. صنف كتابا فى الناسخ والمنسوخ تتبع فيه جميع وقائع النسخ وأول الآيات التي ثبت نسخها ليخرجها عن النسخ فأدى به ذلك إلى صرف كثير من الآيات إلى معنى مخالف للمراد الظاهر. وقد تصدى له مصطفى زيد في كتابه النسخ في القرآن الكريم وبين عوار مسلكه وأثبت أن على أبى مسلم أن ينقض دعوى النسخ في كل واقعة ثبت النسخ فيها (٣). كما تصدى له علي حسن العريض في كتابه فتح المنان ونقل ردود بعض العلماء عليه منهم : الجصاص في أحكام القرآن ، هبة الله بن سلامة الضرير في ناسخة ، البزدودي في كنز الوصول
__________________
(١) سورة النحل آية ١٠١.
(٢) سورة الرعد آية ٣٩.
(٣) انظر : النسخ في القرآن الكريم ، مصطفى زيد ١ / ٢٦٩ ، ٢٧٠.