وما ذكره في المبسوط أقوى ، فعلى هذا يسمع البينة في المسألة التي ذكرها المصنف ، لان البينة يشهد له بقديم الملك وبينة الاخرى بحديثه.
قال رحمهالله في المقصد الثاني ، في الاختلاف في العقود : اذا اتفقا على استئجار دار معينة شهرا معينا واختلفا في الاجرة ، وأقام كل واحد منهما بينة بما قدره ، فان تقدم تاريخ أحدهما عمل به ، لان الثاني يكون باطلا. وان كان التاريخ واحدا ، تحقق التعارض ، اذ لا يمكن في الوقت الواحد وقوع عقدين متنافيين وحينئذ يقرع بينهما ويحكم لمن خرج اسمه مع يمينه ، هذا اختيار شيخنا في المبسوط.
وقال آخر : يقضى بينة المؤخر ، لان القول قول المستأجر لو لم يكن بينة اذ هو يخالف على ما في ذمة المستأجر ، فيكون القول قوله. ومن كان القول قوله مع عدم البينة كانت البينة في طرف المدعي ، وحينئذ نقول : هو مدع زيادة وقد أقام البينة بها ، فيجب أن يثبت ، وفي القولين تردد.
أقول : القول الاول للشيخ رحمهالله في المبسوط (١) ، كما ذكره المصنف. والقول الثاني لبعض الجمهور ، وحكاه الشيخ في المبسوط.
وتردد المصنف في القولين معا ، ومنشأ تردده : النظر الى أن قول الشيخ ضعيف ، فلا يعتمد عليه. أما أولا ، فلان الشيخ حكم بالقرعة مع تحقق التعارض ولم يعتبر أسباب الترجيح من أرجحية العدالة وأكثرية العدد. وأما ثانيا ، فلان القرعة وردت على خلاف مقتضى الاصل ، فيقتصر بها على موردها.
والقول الثاني الذي حكاه الشيخ رحمهالله عن بعض الجمهور ضعيف أيضا. أما أولا ، فلان كل واحد منها مدع ، فتخصيص أحدهما بسماع بينته دون الاخر ترجيح من غير مرجح ، وهو باطل. وأما ثانيا ، فلان القضاء ببينة الموجر انما
__________________
(١) المبسوط ٨ / ٢٨١.