أقول : منشؤه : النظر الى انتشار الحرمة بالرضاع تعبد شرعي ، فيقف على الدليل الشرعي ، وحيث لا دلالة فلا حكم ، ولانها خرجت بالموت عن التكليف وانتشار الحرمة بالرضاع تكليف ، والمقدمتان ظاهرتان ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (١) والخلاف (٢) ، عملا بأصل الاباحة ، ولقوله تعالى « وَأُمَّهاتُكُمُ اللّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ » (٣) وهذه ما أرضعت ، وقوله تعالى « وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ » (٤) وأتبعه المتأخر.
والالتفات الى عموم قوله عليهالسلام « حرمة الميت كحرمة الحي » (٥) والمراد بلفظ الميت الذكر والانثى ، ومن جملة الحرمة انتشار التحريم بالرضاع ، فيحرم عليه ميتة مع اكماله الرضعات المعتبرة شرعا جميع من يحرم عليه لو كانت حية ، وهو قول أبي حنيفة ومالك والاوزاعي ، والاول عندي أقوى.
قال رحمهالله : الشرط الثالث ـ أن يكون الرضاع في الحولين ، ويراعى ذلك في المرتضع ، لقوله عليهالسلام « لا رضاع بعد فطام » (٦) وهل يراعى في ولد المرضعة؟ الاصح أنه لا يعتبر.
أقول : مراعاة ذلك في المرتضع متفق عليه بين علمائنا وفتواهم على أنه لا يعتبر في ولد المرضعة ، فلو أرضعت صبيا بلبن ولدها الرضعات الشرعية ولولدها لصلبها أكثر من حولين نشر الحرمة.
وشرط أبو الصلاح في انتشار الحرمة أن يكون الرضاع واقعا في الحولين
__________________
(١) المبسوط ٥ / ٢٩٦.
(٢) الخلاف ٢ / ٣٢٣ مسألة ١٤.
(٣) سورة النساء : ٢٣.
(٤) سورة النساء : ٢٤.
(٥) تهذيب الاحكام ١ / ٤١٩ ، ح ٤٣.
(٦) عوالى اللئالى ١ / ٧٢ و ٢ / ١٢٨ و ٢٧٠ و ٣ / ٣٢٤.