مال هذا وذاك وثروته ، فيصون كرامته ويحفظ شخصيّته وعزّته ، ويبقى متحرّراً من قيود الرقّية لفلان وفلان.
فمن يطمع بمال الآخرين وعطائهم ويتقبّل هداياهم كيف يمكنه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويذبّ عن حياض الإسلام ويقف في وجه الظالمين بشجاعة.
وسلفنا الصالح من أخلاقهم الحسنة العفّة والسداد ، وكانوا يرفضون هدايا أصحاب المناصب والأثرياء التي تشكّل في الحقيقة وثيقة عبوديّة ذلك العالم لصاحب تلك الهديّة.
يقول الشهيد الثاني في منيته : فممّـا يلزم لكلّ واحد منهما (العالم والمتعلّم) بعد تطهير نفسه من الرذائل المذكورة وغيرها ، توجيه نفسه إلى الله تعالى والاعتماد عليه في اُموره وتلقّي الفيض الإلهي من عنده ، ولا يعتمد على الأسباب فيتّكل إليها وتكون وبالا عليه ، ولا على أحد من خلق الله تعالى ، بل يلقي مقاليد أمره إلى الله تعالى في أمره ورزقه وغيرهما ، يظهر عليه من نفحات قدسه ولحظات اُنسه ما يقوم به أوده ويحصل مطلبه ، ويصلح به أمره ، وقد ورد في الحديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : إنّ الله تعالى قد تكفّل لطالب العلم برزقه خاصّة عمّـا ضمنه لغيره ، بمعنى أنّ غيره يحتاج إلى السعي ، وطالب العلم لا يكلّف بذلك ، إن أحسن النيّة وأخلص العزيمة.
وعندي في ذلك من الوقائع والدقائق ما لو جمعته بلغ ما يعلمه الله من حسن صنع الله تعالى بي ، وجميل معونته منذ اشتغلت بالعلم ... وبالجملة ليس الخبر كالعيان (١).
__________________
١ ـ منية المريد : ٦١.