خلفه. قال : في تلك الأيّام المرّة دخلت مجلساً ، كان فيه شخص من المعمّمين ، فجلست بجنبه ، ولكن من شدّة عداوته أدار ظهره عليَّ أمام الناس ، فهضمت ذلك في نفسي واحتسبتها لله ، وحينما أردت الخروج ، من حيث لا يشعر ألقيت في حجره بعض المال ، وبعد هذا كان يحدّث الناس أنّه في تلك الليلة لم يكن عنده شيء من المال وكان في حيرة ، وأنّه من كراماته قد وجد مالا في حجره ، ولم يشعر أنّه أنا الذي وضعت في حجره المال. كان يقضي حوائج الناس بالمقدار الممكن ، ولا تثني عزيمته كبر سنّه ، ولا الأمراض والأسقام ، ولا الهموم والأحزان ، ولا القيل والقال ، بل بكلّ صلابة وقوّة وحول من الله سبحانه يقاوم المصاعب والمشاكل. فكان خير مثال للخلق الاجتماعي ، وأفضل آية للآداب الاجتماعية ومداراة الناس ، وبمثل هؤلاء الفقهاء العظام وعلمائنا الكرام نقتدي ونتأسّى في رعاية حقوق الآخرين ، وملاطفة الناس ، وإدارة شؤونهم ، بثغر باسم ، ووجه بشوش ، وصدر رحب ، وقلب وسيع ، وأخلاق رفيعة ، وسجايا حميدة ، نتقرّب إلى الله سبحانه بذلك ، ولنا اُسوةٌ حسنة برسول الله (صلى الله عليه وآله) : (وَإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم) (١).
الله الله في مداراة الناس ، والتواضع في المجتمع ، فما أعظم الإمام الخميني ، مع علوّ مقامه الشامخ يتواضع للمجاهدين في الجبهات قائلا : اُقبّل أياديكم وسواعدكم ، لأنّ الله معها ، وأفتخر بذلك.
ويقول سماحته مخاطباً نوّاب مجلس الشورى الإسلامي : فكّروا جميعاً بالناس دائماً ، هؤلاء هم عباد الله ، هؤلاء هم الذين يقتلون الآن على الحدود ، هم الذين يواجهون صعوبات الحرب ، وهم الذين تشرّدوا ، وهم يعيشون في هذه الأماكن
__________________
١ ـ القلم : ٤.