ولذلك نرى الناس لا تلين قلوبهم ولا تنقاد نفوسهم للعظة والنصيحة إذا وجدوا الواعظ به أو الناصح بإبلاغه غير متلبّس بالعمل متجافياً عن الصبر والثبات في طريقه ...
فمن شرائط التربية الصالحة أن يكون المعلّم المربّي في نفسه متّصفاً بما يصفه للمتعلّم متلبّساً بما يريد أن يلبسه ، فمن المحال العادي أن يربّي المربّي الجبان شجاعاً باسلا ، أو يتخرّج عالم حرّ في آرائه وأنظاره من مدرسة التعصّب واللجاج وهكذا.
قال تعالى :
(أفَمَنْ يَهْدي إلى الحَقِّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهْدي إلاّ أنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمونَ) (١).
وقال :
(أتَأمُرونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أنْفُسَكُمْ) (٢).
وقال حكايةً عن قول شعيب لقومه :
(وَما اُريدُ أنْ اُخالِفَكُمْ إلى ما أنْهاكُمْ عَنْهُ إنْ اُريدُ إلاّ الإصْلاحَ ما اسْتَطَعْتُ) (٣).
إلى غير ذلك من الآيات.
فلذلك كلّه كان من الواجب أن يكون المعلّم المربّي ذا إيمان بموادّ تعليمه وتربيته.
على أنّ الإنسان الخالي عن الإيمان بما يقوله حتّى المنافق المتستّر بالأعمال
__________________
١ ـ يونس : ٣٥.
٢ ـ البقرة : ٤٤.
٣ ـ هود : ٨٨.