الصالحة المتظاهر بالإيمان الصريح الخالص لا يتربّى بيده إلاّ من يمثّله في نفسه الخبيثة ، فإنّ اللسان وإن أمكن إلقاء المغايرة بينه وبين الجنان بالتكلّم بما لا ترضى به النفس ، ولا يوافقه السرّ إلاّ أنّ الكلام من جهة اُخرى فعل ، والفعل من آثار النفس ورشحاتها ، وكيف يمكن مخالفة الفعل لطبيعة فاعله؟ ... انتهى كلامه رفع الله مقامه.
فالأدب في الإسلام ، أو الأدب الإسلامي يعني حكومة التوحيد في حياة الإنسان ، فيسري التوحيد في جميع الأعمال (ومعنى سراية التوحيد في الأعمال كون صورها تمثّل التوحيد وتحاكيه محاكاة المرآة لمرئيها بحيث لو فرض أنّ التوحيد تصوّر لكان هو تلك الأعمال بعينها ، وأنّ تلك الأعمال تجرّدت اعتقاداً محضاً لكانت هي هو بعينه).
فمن أدب الله قوله سبحانه وتعالى :
(وَجَعَلـْناهُمْ أئِمَّةً يَهْدونَ بِأمْرِنا وَأوْحَيْنا إلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْراتِ وَإقامَ الصَّلاةِ وَإيْتاءَ الزَّكاةِ وَكانوا لَنا عابِدينَ) (١).
وما أكثر الآيات الكريمة والروايات الشريفة التي تحثّ الإنسان على أن يراعي الآداب. يكفيك شاهداً نماذج ممّـا يقوله أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في ذلك :
قال (عليه السلام) :
« الأدب كمال الرجل ».
« يا مؤمن ، إنّ هذا العلم والأدب ثمن نفسك ، فاجتهد في تعلّمهما ، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك ».
« من لم يكن أفضل خلاله أدبه ، كان أهون أحواله عطبه ».
__________________
١ ـ الأنبياء : ٣٧.