كن ابن من شئت واكتسب أدباً |
|
يغنِكَ محموده عن النسب |
فليس يغني الحسيب نسبته |
|
ليس الفتى من يقول : كان أبي (١) |
قيل : أوّل ما يؤدّب به المبتدي : التبرّي من الحركات المذمومة ، ثمّ التنقّل إلى الحركات المحمودة ، ثمّ التفرّد لأمر الله ، ثمّ التوقّف ، ثمّ الرشاد ، ثمّ الثبات ، ثمّ القرب ، ثمّ المناجاة ، ثمّ المصافاة ، ثمّ الموالاة ، ولا يستقرّ هذا بقلبه حتّى يرجع إلى إيمانه ، فيكون العلم والقدرة زاده ، فيكون مقامه عند الله مقام المبشّرين من الحول والقوّة ، وهذا مقام حملة العرش وليس بعده مقام.
وقيل : الأدب مع الله : القيام بأوامره على الإخلاص وصحّة المعاملة معه على الظاهر والباطن مع الخوف ، والصحبة مع الخلق بالرفق والحلم والسخاء والشفقة ، والأخذ بالفضل وصلة القاطع ، والإحسان إلى المسيء ، وتعظيم الجميع وأن ينأ عنه القلب ، وازدرته العين ، فإنّ كلّ أحد من المسلمين كائناً من كان لا يخلو من فضل الله ولعلّه ممّن يطيع الله.
وقال : كن لربّك عبداً ، ولإخوانك خادماً ، واعلم أنّه لا أحد من المسلمين إلاّ وله مع الله سرّاً ، فاحفظ حرمة ذلك السرّ.
وقيل : من أساء الأدب على البساط ردّ إلى الباب ، ومن أساء الأدب على الباب ردّ إلى سياسة الدوابّ.
وبالجملة : الناس في الآداب على أربع طبقات ، والأدب في نفسه على أربع مراتب.
فأمّا طبقات الناس في الأدب ، فمنهم : أهل الدنيا أكثر آدابهم في الفصاحة
__________________
١ ـ آداب النفس : ١٥٢ ، في الهامش.