الواجبات ، ولا يقول : (كلّ مكروه جائز) ، فربّ مكروه يبعّد الإنسان عن ربّه ، وربّ نافلة تقرّب العبد إلى الله كما ورد في الخبر الشريف : « يتقرّب العبد إليّ بالنوافل حتّى اُحبّه ، فإذا أحببته أكون سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها » أي يكون مظهراً لأسماء الله وصفاته العليا ، فعينه عين الله ويده يد الله وسمعه سمع الله ، وأيّ مقام أعظم من هذا ، فإنّه لا يلقاه إلاّ ذو حظٍّ عظيم.
يقول العارف الكبير آية الله البيدآبادي في وصيّته : عليه إذن أن يوحّد همومه (يجعلها همّاً واحداً) ، وأن يبذل كامل الجدّ والجهد ، ليضع قدمه في جادّة الشريعة ، ويحصّل ملكة التقوى ، أي لا يحوم بقدر الممكن حول الحرام والمشتبه المباح ، قولا وفعلا وحالا وخيالا واعتقاداً ، لتحصل له الطهارة الصوريّة والمعنويّة ، وهي شرط العبادة ، وليترتّب أثر على العبادة ، ولا تكون محض صوريّة (١).
الله الله في صدق النيّة وتطهير النفس وتهذيبها وتزكية الروح وصيقلة القلب ونوره بالطاعة وترك المعاصي والمكروهات.
(وَما اُمِروا إلاّ لِيَعْبُدوا اللهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ) (٢).
فأوّل شرط طلب العلم : تطهير النيّة والإخلاص ، فلا يرفعوا قدماً ويضعوها منذ البداية إلاّ (لله) خالصاً مخلصاً ، ويبتعدوا عن الأوهام والخيالات الباطلة ، ولا يكون هدفهم أبداً الوصول إلى مطامع الدنيا وزخارفها الملوّثة.
فيبعد عن نفسه منذ اليوم الأوّل وساوس الشيطان والتفكير بالرئاسة
__________________
١ ـ سيماء الصالحين : ٩٣.
٢ ـ البيّنة : ٥.