والمرجعيّة وإمامة الجمعة والجماعة ونيابة المجلس في عصرنا هذا ، وإقبال الناس إليه وتقبيل يده ، وأمثال ذلك ، فإنّه يضرّه ولا ينفعه أبداً ، وما يزداد من علمه إلاّ بعداً عن ربّه ، ويكون العلم هو الحجاب الأكبر.
فالعمدة : النيّة الصادقة والتقوى والإخلاص ، وإنّما يحصل الطالب عليها بالتأمّل والتفكّر ، فإنّ التفكّر أبو كلّ خير واُمّه ـ كما ورد في الخبر الشريف ـ ثمّ الدعاء والتوسّل بالله ورسوله والأئمّة الأطهار وأرواح علمائنا الكرام ، والذين جاهدوا في الله سبحانه فإنّه يهديهم السبيل ويوصلهم إلى المطلوب ، ويفتح لهم أبواب السماوات والأرض ، فيوفّقهم ويسعدهم ويهيّئ لهم الأسباب ، فإنّه إذا أراد الله بعبد خيراً هيّأ له الأسباب ، ولا يكون ذلك إلاّ لمن كان من أهل الخير والصلاح وأراد الله بقلبه ، وتوجّه إليه بوجوده وكيانه وحياته.
واعلم أنّ الإنسان إنّما هو ذو بعدين : بُعد روحي وبُعد جسدي. والأوّل راكب والثاني مركوب يخدمه ، ثمّ الأوّل له مراحل في كمال مادّته من النطفة وحتى العلقة والمضغة ، وهكذا حتّى يكون إنساناً كاملا ، ثمّ يردّ إلى أرذل العمر ، ثمّ يموت ، وكلّ هذا إنّما هو بالجبر والقهر والقسر ، وليس باختيار الإنسان ، ويعبّر عن الإنسان في هذا البعد بالشخص لتشخّصه وتعيّنه بالامتداد الثلاثة ـ الطول والعرض والعمق ـ في عالم الخارج وعالم الجزئيات ، وأمّا البعد الآخر والذي يسمّى بالشخصيّة وتشير إليه كلمة (أنا) الملازمة على بساطتها وعدم تركّبها وتقسّمها وتجزّئها منذ تكوّن الجنين وحتّى المعاد ، وإنّها مخلّدة وباقية ، إلاّ أنّ سير تكاملها إنّما بالاختيار.
ثمّ كما ورد في الخبر الشريف : « الناس نيام إن ماتوا انتبهوا » ، فإنّ الإنسان بعد موته ، يرى ملكوت الأشياء بعدما كان يرى ملكها في الدنيا ، أي يرى حقائق