وعليك أن تخلص في نيّتك وتسلّم وجهك لله ، وتقتدي في حياتك بسلفك الصالح ، فما أروع ما فعله آية الله السيّد حسين كوه كمري (رحمه الله) أحد تلامذة صاحب الجواهر ، وكان من المعروفين له حوزة دراسية كبيرة في أحد مساجد النجف الأشرف ، ويوماً مّا دخل المسجد قبل أوان الدرس ، فوجد في زاوية المسجد مدرّساً حوله مجموعة صغيرة من الطلاّب ، فسمع درسه فاُعجب به ، وكرّر المجيء حتّى تيقّن أنّه أفضل منه في العلم والبيان والإبداع ، فجمع طلاّبه واشترك معهم في درس الشيخ الجديد ، ولم يكن سوى الشيخ الأعظم شيخنا الأنصاري (قدس سره).
وهذا آية الله ملاّ عبد الله التستري (رحمه الله) ، إنّه ولمدّة ثلاثين عاماً لم يمتثل غير الواجبات الشرعيّة والمستحبّات الدينيّة ، دخل يوماً على الشيخ البهائي قبيل الظهر ، فحين صلاة الظهر طلب منه الشيخ البهائي أن يتقدّم لإمامة الجماعة ، فلمّـا استعدّ للصلاة خرج مسرعاً ، ولمّـا استفسروا عن ذلك أجابهم ، شعرت في نفسي العُجب بأنّ مثل الشيخ البهائي يقتدي بي ، فعلمت بعدم الإخلاص ، فتركت الجماعة.
وما أجمل ما فعله المقدّس الأردبيلي لمّـا اجتمع مع هذا الرجل في مجلس عامّ ، فسأله الملاّ عبد الله التستري ، فقال له المقدّس : سوف اُجيبك فيما بعد ، ولمّـا انتهى المجلس مشى معه صوب الصحراء وأجابه السؤال بالتفصيل ، فتعجّب الملاّ وسأله أنّه لماذا لم يجبه في المجلس؟ فقال له : لو أجبتك وكان النقاش بيني وبينك لكنّا معرّضين لهوى النفس ، لأنّ كلّ واحد منّا يريد أن ينتصر لرأيه ، فربما نقع في العجب والجدال المذموم وحبّ الظهور ، وهذا يتنافى مع الإخلاص ، أمّا في الصحراء فلا مجال للشيطان ولا الرياء ولا وسوسة النفس.