المكروه والمباح فيتركونها ، ويأتون بالمستحبّات مع الواجبات ولكنّكم طبقة المتأخّرين ، قسّمتم الأحكام عملياً إلى خمسة أقسام ، وتتركون المستحبّات وتفعلون المكروهات والمباحات ، ولهذا سدّت دونكم أبواب الكرامات والمكاشفات (١).
ثمّ هنا نقطة مهمّة جدّاً ، وهي : كما جاء مضمون ذلك في منية المريد للشهيد الثاني (قدس سره) : إنّ عامّة الناس أدنى من أهل العلم بدرجة في سلوكهم وأخلاقهم ، فإذا كان أهل العلم يأتون بالمستحبّات والنوافل فضلا عن الواجبات والفرائض ، فإنّ الناس يكتفون بالواجبات ، وإذا اشتغل أهل العلم بالمباحات فإنّ الناس يفعلون المكروهات ، وإذا دخل في الشبهات فإنّ العامي يدخل في المحرّمات ، والمصيبة فيما لو دخل رجل الدين في الحرام ـ والعياذ بالله ـ فإنّ العامي يكفر بالله سبحانه ، وهذا ما يشاهد بالعيان ، فلا يحتاج إلى نقل وبرهان.
والناس إذا رأوا الخطيئة من العالِم فإنّهم يسيئون الظنّ بالعلماء ، وحتّى الدين ، لا بالشخص نفسه ، وليتهم أنصفوا ويسيئوا الظنّ بالشخص الخاطئ نفسه.
الله الله يا طالب العلم في ترك المعاصي والذنوب ، وإن غلبت عليك شقوتك وشهوتك وتلوّثت بالمعاصي والآثام ولم توفّق للتوبة النصوحة (٢) ، فاخرج ولا تزيـد في ذنبـك وتضلّ الناس من حولك ، وتلوّث حوزة العلم والتقى والكرامة.
__________________
١ ـ سيماء الصالحين : ٩٢.
٢ ـ لقد تعرّضت للتوبة وشرائطها بالتفصيل في كتاب « التوبة والتائبون على ضوء القرآن والسنّة » ، فراجع.