مباحاً ولا مكروهاً إلى الآن ، حتّى الأكل والشرب والنوم.
فكلّ هذه يمكن الإنسان أن ينويها لله سبحانه فتكون مستحبّة ونافلة ، وإنّ العبد ليقرّب إلى الله بالنوافل بعد أداء الفرائض ، حتّى يحبّه الله سبحانه ، فإذا أحبّه يكون سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويديه التي يبطش بها ، فيكون مظهراً لعلم الله وقدرته.
يقول العارف بالله الشيخ محمد البهاري : الثاني (من شروط السالك) : أن يجتنب المكروهات مهما أمكن وينشغل بالمستحبّات ، ولا يحقّرن شيئاً من المكروهات فيقول : (كلّ مكروه جائز) فكثيراً ما يكون ترك المكروه أو فعل مستحبّ صغير أشدّ أثراً في القرب من المولى من كلّ ما عداه ، ويتّضح هذا من التأمّل في العرفيات.
الثالث : ترك المباحات في مقدار اللزوم والضرورة ، صحيح أنّ الشارع المقدّس أباح اُموراً كثيرة ، ولكن حيث أنّه في الباطن لا يرغب لعبده أن ينشغل بغيره وينصرف إلى اُمور الدنيا ، فمن المستحسن للعبد أن يستجيب لرغبة المولى ، فيترك هذه الزخرفات ، حتّى وإن لم يكن ارتكابها حراماً ، إقتداءً بالنبيّين وتأسّياً بالأئمة الطاهرين.
والمرحوم الملاّ محمد صالح البرغاني أخو الشهيد الثالث من علماء القرن الثالث عشر رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام وسأله عدّة أسئلة أحدها : ما هو السبب في أنّ العلماء في السابق كانوا أصحاب كرامات ومكاشفات ، وفي هذا الزمان ـ هذا قبل أكثر من مئة عام ، فكيف بزماننا هذا ـ سدّ باب المكاشفات؟
فأجابه (صلى الله عليه وآله) : السبب أنّ العلماء في الماضي قسّموا الأحكام في أعمالهم وسلوكهم إلى قسمين : واجب وحرام ، وكانوا يتركون الحرام ويضمّون إليه