بِمَ بلغتَ هذه المرتبة؟ فقال : بترك المعصية (١).
ثمّ صاحب الزمان (عليه السلام) تعرّض عليه أعمالنا عصر الاثنين والخميس ، فإنّه لو اطّلع على ذنوبنا فإنّه يتألّم من ذلك ـ كما جاء ذلك في توقيعه الشريف ـ وحينئذ من أصاب قلب صاحب الأمر (عليه السلام) وألّمه وهو واسطة الفيض الإلهي ، فإنّه كيف يوفّق في حياته العلمية والعملية وفي دراساته الحوزوية ـ هيهات هيهات ـ إلاّ أن يتوب عاجلا غير آجل ، ويترك المعاصي بنيّة صادقة ، وإيمان وتقوى وإنابة وإخبات.
وكان شيخنا في الأخلاق (قدس سره) يقول : أتعجّب من بعض الطلبة أنّه يسألني كيف نترك الذنب ولا نعصي الله سبحانه ، والمفروض أن يفكّر كيف يكون سلمان زمانه وأويس دهره؟!
ولهذا كان علمائنا في السلف يتركون المباح والمكروهات فضلا عن الشبهات ، يقول الشهيد الأوّل في قواعده : « ومن الخسران صرف الزمان في المباح وإن قلّ ».
وقالوا في المقدّس الأردبيلي (قدس سره) أنّه لم يصدر عنه في أربعين سنة فعلٌ مباح فضلا عن الحرام والمكروه.
ويقول المحدّث القمي (رحمه الله) : لم يصدر من الميرداماد الفيلسوف الإسلامي فعلٌ مباح طيلة عشرين عاماً.
ويقول الملاّ عبد الله الشوشتري الذي هو من تلامذة المحقّق الأردبيلي في موعظته لابنه : يا بني ، إنّي بعدما أمرني مشايخي (رحمهم الله) بالعمل برأيي ما ارتكبت
__________________
١ ـ سيماء الصالحين : ٨٨.