لا بدّ من أن يهدم ويزول ، وهذا يعني أنّ ظاهرهما من حيث البناء والشكل والمظهر واحد ، إلاّ أنّ ملكوتهما وباطنهما باعتبار النوايا والأهداف يختلفان ، فأحدهما مظهر الحقّ ومظهر الرحمان ، والآخر مظهر الباطل ومظهر الشيطان.
وهذا في كلّ شيء ما سوى الله سبحانه ، فإنّ الإنسان إنّما يكون مظهراً لأسماء الله وصفاته ، ويصل إلى مقام الشهود والكشف ومقام الفناء في الله سبحانه ، لو أسّس بنيانه على التقوى من اليوم الأوّل ، فعندما يدخل الحوزة العلمية ، عليه أن يهذّب نفسه بتقوى الله وترك المعاصي والآثام ، وإلاّ فإنّه يكون باطلا ومظهراً للشيطان ، ويكون صاحب بدعة وضلالة وانحراف في العقيدة والسلوك ، ويكون ضالا ومضلا ـ صان الله الحوزات من أمثال هؤلاء الشياطين علماء السوء ومظاهر الرذائل والذمائم ـ.
وكم قرأنا في التأريخ أصحاب البدع والمذاهب الباطلة إنّما كانوا في بداية أمرهم من أهل العلم ، ومن الحوزات الدينيّة. فهذا محمّد بن عبد الوهاب النجدي مؤسّس الفرقة الوهابيّة بين السنّة لتهديم السنّة باسم السنّة ، وهو وليد الاستعمار البريطاني ، إنّما كان من أهل العلم ، وهذا علي محمّد الشيرازي المعروف بالباب ، مؤسّس الفرقة البهائيّة بين الشيعة باسم الشيعة لتهديم كيان التشيّع ، وهو من أهل العلم ، وكان وليد الاستعمار البريطاني أيضاً في ذلك العصر ، وقد أوجدهما الاستعمار لزرع التفرقة بين المسلمين كما في مخطّطهم الاستعماري ـ فرّق تسد ـ كلّ ذلك نتيجة عدم التهذيب من اليوم الأوّل.
فلا بدّ لطالب العلم في سيرته الأخلاقية والسلوك العرفاني أن يترك المعاصي ويتّقي الله حقّ تقاته.
لقد سأل موسى (عليه السلام) الخضر (عليه السلام) : ماذا فعلت حتّى اُمرت أن أتعلّم منك؟