« كان شخص يبكي عند قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقيل له : ما يبكيك؟ فقال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : إنّ اليسير من الرياء شرك ، وإنّ الله سحبّ الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفقدوا ، وإن حضروا لم يعرفوا ، قلوبهم مصابيح الهدى ».
« يقول الإمام العسكري (عليه السلام) : الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم ».
« قال الإمام الصادق (عليه السلام) : خالط الناس تخبرهم ، ومتى تخبرهم تقلّهم ».
« قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : من عرف الله توحّد ، من عرف الناس تفرّد ».
« ولمّـا سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن علّة اعتزاله؟ قال : فسد الزمان وتغيّر الإخوان ، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد » (١).
ولنا روايات كثيرة تمدح العزلة بشرطها ، كما أنّ العرفاء حثّوا طلاّب السير والسلوك في بداية أمرهم على ذلك.
فقيل : ما اختار الخلوة على الصحبة فينبغي أن يكون خالياً عن جميع الأذكار إلاّ ذكره ، وعن جميع الإرادات إلاّ أمره ، وعن جميع مطالبات النفس إلاّ حكمه.
الوحدة جليس الصديقين وأنيس الصادقين ، ليكن خدنك الخلوة وطعامك الجوع وحديثك المناجاة ، فإمّا أن تموت وإمّا أن تصل.
وكان بعض العارفين يصيح : الإفلاس الإفلاس! فقيل : وما الإفلاس؟ قال : الاستيناس بالناس.
ودخل تلميذ على شيخه وكان وحيداً في داره ، فقال : أما تستوحش في هذه الدار وحيداً؟ فقال : ما كنت أظنّ أنّ أحداً استوحش مع الله ، وقال آخر في الجواب ، لمّـا دخلت صرت وحيداً ، فإنّي كنت مشغولا ومستأنساً بربيّ.
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ، كلمة « العزلة » ٣ : ١٩٦٤ ، الطبعة الجديدة.