والغاطّ في بحرها.
فيقول الشهيد الثاني (قدس سره) : أهمّ الاُمور التي يجب على المتعلّم أن يراعيها مع شيخه ، أن يقدّم النظر فيمن يأخذ عنه العلم ، ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه ، فإنّ تربية الشيخ لتلميذه ونسبة إخراجه لأخلاقه الذميمة ، وجعل مكانها خلقاً حسناً ، كفعل الفلاّح الذي يقلع الشوك من الأرض ، ويخرج منها النباتات الخبيثة من بين الزرع ، ليحسن نباته ويكمل ريعه.
وليس كلّ شيخ يتّصف بهذا الوصف ، بل ما أقلّ ذلك ، فإنّه في الحقيقة نائب عن الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وليس كلّ عالم يصلح للنيابة ، فليختر من كملت أهليّته ، وظهرت ديانته ، تحقّقت معرفته ، وعرفت عفّته ، واشتهرت صيانته وسيادته ، وظهرت مروّته وحسن تعليمه ، وجاد تفهيمه.
ولا يغترّ الطالب بمن زاد علمه ، مع نقص في ورعه أو دينه أو خُلقه ، فإنّ ضرره في خُلق المتعلّم ودينه أصعب من الجهل الذي يطلب زواله ، وأشدّ ضرراً. وعن جماعة من السلف : هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم.
وفي ذيل الآية الشريفة :
(فَلـْيَنْظُرِ الإنْسانُ إلى طَعامِهِ) (١).
قال الإمام الباقر (عليه السلام) : أي فلينظر إلى علمه ممّن يأخذ.
ثمّ قال الشهيد الثاني : وليحترز ممّن أخذ علمه من بطون الكتب من غير قراءة على الشيوخ ـ كما نجد في حوزتنا بعض الطلاّب من دون أن يحضر دروس الأساتذة يتصدّى للتدريس ، لا سيّما درس الخارج على أنّه من النوابغ ولا بدّ أن
__________________
١ ـ عبس : ٢٤.