خلق آدم ، « فجعلهم الله أنواراً بعرشه محدقين » ، « فرتبة القرآن العيني وزان رتبة القرآن العلمي ، وكما إنّهما في أصل الوجود متكافئان لا ينفكّ أحدهما عن الآخر ، كذلك في رتبة الوجود أيضاً لا يفترق أحدهما عن الآخر ، فعند ثبوت وصف كمالي لأحدهما بالمطابقة ، يحكم بثبوت ذلك الوصف للآخر بالالتزام ، مثلا عند ثبوت تعدّد أنحاء الدعوة للقرآن العلمي ، وإنّه يدعو الناس إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويجادلهم بالتي هي أحسن ، يحرز بأنّ أنحاء دعوة القرآن العيني أيضاً كذلك ، وكما أنّ القرآن العلمي يهدي للتي هي أقوم ، كذلك القرآن العيني ـ أي المعصوم (عليه السلام) ـ يهدي للطريقة المثلى التي هي أقوم الطرق والعروة الوثقى التي هي أوثق العُرى » (١).
فالإنسان الكامل المعصوم (عليه السلام) ـ أي الإمام ـ قرآن عينيّ كما أنّ القرآن إمام علميّ ، فلذا يدعو كلّ واحد منهما الناس إلى صاحبه ، يعني أنّ القرآن يدعوهم إلى إمامة الإمام وإطاعته كما قال سبحانه :
(يا أيُّها الذَّينَ آمَنوا أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ وَاُولي الأمْرِ مِنْكُمْ) (٢) ، كذلك الإمام الرضا (عليه السلام) يقول حول القرآن الكريم : « لا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا » ، فكلّ ما في القرآن هو عند العترة الطاهرة ، وكلّ ما عندهم هو في القرآن ، فإنّهما لن يفترقا ، في مبدئهما ومنتهاهما ، ولا ينفكّان في الأوصاف الكمالية ، وهما مظهران لله الذي ليس كمثله شيء ، وإنكارهما والإعراض عنهما جاهلية ، وهما ميزان الأعمال ، وإذا كان القرآن العلمي يزداد غضاضة في كلّ عصر :
__________________
١ ـ علي بن موسى الرضا والقرآن الكريم : ٣١.
٢ ـ النساء : ٥٩.